بقلم طارق شمالي
للمرة الثانية وبرغم كل محاولات النيل من صموده عبر فرض الحصار الظالم عليه يعلن الشعب الفلسطيني بوضوح تمسكه بالثوابت الوطنية والتفافه حول خيار المقاومة الذي ترفعه حماس .
نعم لقد أثبت الشعب الفلسطيني أنه عصيّ على الكسر وأنه رقم صعب لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزه , فزحف بمئات الألوف رجالاً ونساءً شيوخاً وأطفالاً صوب ساحة الكتيبة الخضراء بمدينة غزة ليؤكد تمسكه بخيار المقاومة وتجديد بيعته لحماس حينما اختارها لتكون الممثل الشرعي والوحيد له عبر انتخابات حرة شهد بنزاهتها العدوُّ قبل الصديق .
فهذا الحشد الفلسطيني غير المسبوق كان بمثابة الرسالة القوية لكل أولئك الذين يسعون بكل قوة إلى استئصال حماس من أرض فلسطين لتمرير مخططاتهم التصفوية للقضية الفلسطينية .
فكانت رسالة لأمريكا راعية الإرهاب في العالم أنَّ سياسة الفوضى الخلاقة التي اُنتهجت أمريكياً للانقلاب على شرعية حماس في الحكم أثبتت فشلها الذريع حينما ثار الشعب الفلسطيني على كل رؤوس الفتنة والفلتان الأمني وطردهم كالفئران من قطاع غزة واستولى على سلاحهم الأمريكي الذي سُخِّر للقضاء على المقاومة فكان فضل الله كبيراً حينما انقلب السحر على الساحر وأصبح هذا السلاح يستخدم لمقاومة الاحتلال الصهيوني .
وكان هذا الحشد رسالة قوية للكيان الصهيوني أنَّ الشعب الفلسطيني متمسك بحقه في المقاومة وليس غير المقاومة , ومن قال أنَّ السلام هو الخيار الإستراتيجي للشعب الفلسطيني لا يمثل إلا نفسه , فالشعب الفلسطيني لا يمكن بأي حال من الأحوال أنْ ينسى أو يتناسى تلك الجرائم البشعة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحقه من عشرات السنين وحتى الآن .
وأما التهديد والوعيد من قبل بعض الوزراء وقادة الجيش الصهاينة بالعمل على إسقاط حكومة الشعب الشرعية والقضاء على حماس في قطاع غزة ما هي إلا أماني وأحلام ما تلبث أنْ تتبخر سريعاً أمام صمود وثبات هذا الشعب المجاهد والتفافه حول قيادته ورجال مقاومته البواسل .
وكان هذا الحشد الجماهيري الكبير رسالة لكل الأنظمة والحكومات المتواطئة مع الأعداء أنَّ تكميم الأفواه والاعتقالات والملاحقات والحكم المستبد لا يقدم ولا يؤخر أمام عزيمة وإرادة الشعوب فهذه الأنظمة وتلك الحكومات الظالمة أوهن من بيت العنكبوت وسرعان ما تتهاوى أمام هدير الجماهير الغاضبة .
والرسالة الأقوى والأهم لهذا المهرجان الحاشد كانت موجهة لخرابة المقاطعة في رام الله أنَّ التحالف مع الصهاينة لضرب المقاومة لن يزيد الشعب إلا تمسكاً بالمقاومة والجهاد .
وأنَّ المؤامرات التي حيكت وما زالت تحاك للنيل من صمود أهل غزة ستبوء جميعها بالفشل الذريع .
ولقد جربتم كل المحاولات من خلال قطع الرواتب وإغلاق الجمعيات الخيرية ودور الأيتام ومحاولة إعادة الفلتان الأمني من جديد وتشويه صورة الشرفاء من القادة والمجاهدين ومحاولة ضرب المسيرة التعليمية وإرباك القطاع الصحي من خلال فرض إضراب مسيّس وفئوي على الموظفين وأخيراً وليس آخراً حرمان حجاج قطاع غزة من أداء فريضة الحج .
ولكن وأمام كل هذه المؤامرات الرخيصة كان للشعب كلمته فقالها بشجاعة مردداً مقولة رئيس الوزراء الشرعي إسماعيل هنية " لن تُخترق الحصون ولن تسقط القلاع ولن ينتزعوا منا المواقف " .
ولو قُدر للشعب الفلسطيني في الضفة المحتلة أنْ يقول كلمته في هذا اليوم المبارك لكانت الحشود المبايعة للحركة الإسلامية بمئات الآلاف , ولو توفر للشعوب العربية والإسلامية الخروج بحرية بدون أي مضايقات من أجهزة الأمن لكانت الحشود بالملايين .
نعم فحركة حماس وبعد 21 عاماً على تأسيسها أصبحت بمثابة رأس الحربة لهذه الأمة المباركة في وجه قوى الظلم والاستكبار في العالم ، والنموذج الثوري المميز للمقاومة والمقاومين على مستوى العالم .
ولا يفوتنا أن ننوه أنَّ كل المقالات المسمومة التي تُنشر في الصحف العربية والدولية من قبل بعض الكتاب المأجورين لا تساوي الحبر الذي كتبت فيه أمام هذا الاستفتاء الشعبي المميز على خيارات حماس , وأما هذا الرفض الشعبي العارم لكل سياسات التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية .
فكل عام وفلسطين بألف خير , وكل عام وقدسنا بألف ألف خير , كل عام وشعبنا مقاوم مجاهد حر , كل عام ومقاومتنا أقوى وأقوى , كل عام وحماس رائدة سائدة قائدة لكل الجماهير العربية والإسلامية , وكل عام ودعاة التطبيع وحلفاء أمريكا وجوههم مسودة و مؤامراتهم فاشلة وكيدهم إلى نحرهم .
وكل عام وكل من قال لأمريكا "لا" بألف خير ..ونعلنها مدوية وليسمعها العالم أجمع أننا ..لن نعترف ..لن نعترف ..لن نعترف بإسرائيل .