الامتحان الأعظم
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله.يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا. واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. أما بعد، فإن اصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
معاشر الأحبة غدا يدخل البنون والبنات قاعات الامتحانات. وإننا لنرى من الاستعدادات في البيوت الشيء الكثير تغيرت مواعيد الطعام والشراب، تغيرت مواعيد الاستيقاظ ومواعيد المنام، الآباء في قلق والأمهات على حذر. والبنون والبنات أعصابهم متوترة. مكوث في المساجد ودعاء بعد الصلوات وطلب الدعاء من فلان ومن فلان. غدا الامتحانات. غدا الامتحانات. أقول أربعوا على أنفسكم. فما من امتحان إلا وهناك امتحان أصعب واشد منه. القضية هينة القضية من استعد منذ بداية العام فلن يحمل هم، على مدى عام وهو على أتم الاستعداد، على ثقة بنفسه وقبلها على ثقة برب العالمين انه سيكون معه وسيثبته ويؤيده.وكذلك هي. أما من فرط وسوف وأخر حتى قبل الامتحان بأيام فهذه أو هذا أحوالهم أحوال، أحوال لا يعلم بها إلا الله من جد وجد ليس كمن نام ورقد، ومن طلب العلى سهر الليالي، وقضية الاستعداد للامتحان لا تأتي قبل الامتحان بيوم أو بيومين فالقضية استعداد منذ بداية العام أقول أربعوا على أنفسكم فمن وفق فبتوفيق من الله تبارك وتعالى ومن لم يوفق يرضى بقضاء الله وقدره. وإمكانية التعويض موجودة فدور أول ودور ثاني وان لم يوفق في الدور الثاني هناك فرصة على أن يعيد العام مرة ثانية. ماذا يتقرر على النجاح في هذه الامتحانات؟ انتقال من مرحلة إلى مرحلة! ثم ماذا؟ إن أنهى السنوات الدراسية سيتقدم إلى الوظيفة، وظيفة تدر عليه في كل شهر آلاف معدودة . ثم على فرض انه وفق ونال الشهادة ونال الوظيفة. ثم ماذا، ماذا بعد هذا كله؟ غدا سيدخل البنون والبنات قاعات امتحان مجهزة مكيفة الإضاءة فيها على أكملها وأوجها يخدمون في القاعات تقرأ عليهم الأسئلة ويهون عليهم من أمرها ويمر عليهم من يخدمونهم ويسقونهم الماء البارد ويذكرونهم أن الوقت كذا وكذا. فالأمر هين. ولكن كيف بي وبك وقد انتقلنا الى لجنة اختبارات اخرى، والى قاعة امتحانات اخرى والى لجان غير اللجان التي نعرفها. لجنة ومكان امتحان سيدخله القاصي والداني ولا فرق هناك بين غني وفقير ولا ذكر ولا انثى ولا عزيز ولا ذليل. اللجنة هناك تختلف تمام الاختلاف ومكان الاختبار ايضا يختلف تمام الاختلاف. كيف بك اذا عالجت سكرات الموت وبدأت ساعات الامتحان الرهيبة ساعة لا بد ان تنزل لكل واحد منا. انت تفعل كل شيء باختيارك، تغدو الى السوق باختيارك وتذهب الى الوظيفة باختيارك بل تأتي الى المسجد باختيارك، لكنك لن تموت باختيارك ولن تدخل القبر باختيارك. ستموت رغما عنك وستدخل القبر غصبا عنك رضيت ام لم ترضى. هذا هو الامتحان الذي لا بد ان نستعد له في كل لحظة. ان كانوا قد حددوا لامتحانات الدنيا موعدا فامتحان القبر ليس له موعد محدد. ليس له موعد معين يأتيكم بغتة وانتم لا تشعرون. هناك اللجنة تختلف تمام الاختلاف وايضا مكان الاختبار يختلف تمام الاختلاف. مكان الاختبار القبر طوله اذرع قليلة وعرضه اذرع قليلة لا تستطيع الحركة فيه كما تشاء. حين تدخل استعدادا للامتحان انت لا تدري كيف ستكون النتيجة. ولكنك على مدى عمر كامل وانت تستعد لذلك الامتحان. اسئلة الامتحان معروفة أعطيتها وتعطاها في كل يوم. اسئلة ثلاثة ستقدم لك في ذلك المكان. النور والاضاءة غير موجودة. لا خدمة ولا مكيفات بل انقطع الهواء وانقطع كل شيء وانقطعت عن العالم تماما. انت الان في عالم آخر. انت الان في عالم القبور. في عالم الظلمة. في عالم التراب. التراب يحيط بك من كل الجهات والظلام يحيط بك من كل الجهات. وانت لا تدري ماذا سيحصل لك في تلك اللحظات، لكنك اعطيت اسئلة ثلاثة حتى تستعد للاجابة عليها في ذلك الوقت. من قالها وافلح في الاجابة عنها فقد فاز وأري مقعده من الجنة، ومن لم يفلح وتردد وتلعثم في الاجابة أري مقعده من النار. لا مجال للتعويض ليس هناك دور ثاني تعطى. أعطيت الفرصة عمر كامل من اربعين او خمسين او ستين سنة حتى تستعد للاجابة. اللجنة تختلف ليست كلجان القاعات بشر امثالنا نتكلم معهم ويتكلمون معنا ويهونون علينا الامر. هناك ستوسد التراب وسيحيط بك الظلام من كل ناحية وسيذهب عنك الاهل والاحباب. يا مسكين ستسمع قرع نعالهم سينادى عليك ذهبوا وتركوك وفي التراب وضعوك وللسؤال اربوك ولو بقوا معك ما نفعوك ولن ينفعك الا انا وانا الحي الذي لا يموت. وجاءت سكرة الموت بالحق. الحق انك ستموت. الحق انك ستأتيك ملائكة اما ملائكة رحمة او ملائكة عذاب. الحق انك ستعرض للسؤال. الحق انك سترى اما جنة واما نار. فكيف سيكون الحال؟ وكيف سيكون السؤال؟ بل ليت شعري كيف سيكون الجواب؟ واين سيكون المصير؟ هل ترى مقعدك من الجنة ام ترى مقعدك من النار؟ ان ساكن الدنيا لا بد ان يعلم انه سينتقل من هذه الدار الى دار اخرى يا ساكن الدنيا ان مثواك القبر غدا. فماذا اعددت للقبر؟ والقبر كل يوم يناديك. يا ابن ادم القبر كل يوم يناديك. تمشي في جماعة على الارض وسوف تقع وحيدا في بطني. تسرح وتمرح وتضحك على الارض وسوف تبكي وحيدا في بطني. يا ابن ادم تاكل الحرام وتاكل اموال اليتامى وتاكل اموال الربا وسوف ياكلك الدود وحيدا في بطني. يا ابن ادم تنظر الى الحرام وتسمع الى الحرام وسوف ترى الاهوال في بطني. والقبر فاذكره وما وراءه فما لاحد عنه براءة وانه للفيصل الذي به يعرف ما للعبد عند ربه والقبر روضة من الجنان او حفرة من حفر النيران. الاسئلة معروفة يعرفها الصغير والكبير. من ربك؟ وما دينك؟ ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ انه اختبار للتوحيد اختبار للصدق اختبار للاتباع صدق الاتباع. انها رحلة سيمر بها كل واحد منا شاء ام أبى. رحلة تبدأ منذ الاحتضار بل قل منذ ان تخرج من هذه الحياة تخرج من دار اولى هي بطن امك تخرج تبكي على فراقك لبطن امك فلما ترى النور تفرح انك خرجت من بطن امك ثم سنواتوسنوات وتاتيك ساعة الاحتضار فتنقل من تلك الدار التي فرحت بالخروج اليها الى دار اخرى. ان كنت قد استعددت لها ستفرح انك فارقت الحياة. فما عند الله خير وابقى للذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون. ثم ستنتقل ايضا من تلك الدار الى الدار الابدية اما جنة واما نار. مراحل واطوار يمر بها كل واحد منا