ومن الزاد :
متابعة رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عنه قول (( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قيل: ومن يأبى يا رسول الله، قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) ويقول الله جل وعلا:
( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(الحشر: من الآية7).
( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور: من لآية63). فيا أيها المسافر: من عمدة عدتك اتباعه.
فتدور مع قول الرسول وفعله ...... نفيا وإثباتا بلا روغان
ورحم الله الحكمي يوم قال:
شرط قبول السعي أن يجتمعا ..... فيه إصابة وإخلاص معا
لله رب العرش لاسواه ........... موافق الشرع الذي ارتضاه
وكل ما خالف للوحيين ........... فإنه رد بغير مين
جماع الزاد
وجماع الزاد هذا كله: تقوى الله جل وعلا: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)(البقرة: من الآية197)، إنها العز والنسب، والسبب والفخر والكرم.
إلا إنما التقوى هي العز والكرم.......فلا تترك التقوى اتكالا على النسب
فقد رفع الإسلام سلمان فارس........وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب
فـ (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (المسد:1). فالزاد إذا إيمان وعمل صالح في إخلاص ومتابعة في تقوى . فإذا هي اجتمعت لنفس حرة.........بلغت من العلياء كل مكان
ولا بد للمسافر من رفقة وصحبة، فالراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب – كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم -.
والمسافر مهما تكن مواهبه، ومهما يكن عطائه ومهما تكن قدراته، فإنه يبقى محدود الطاقة والقدرة ما لم يكن له أعوان يشدون أزره، ويقوون أمره، يذكرونه حين ينسى ، يعلمونه حين يجهل، فالمرء قليل بنفسه، كثير بإخوانه، ضعيف بنفسه، قوي بأخوانه.
وما المرء إلا باخوانه ......... كما تقبض الكف بالمعصم
ولا خير في الكف مقطوعة ... ولا خير في الساعد الأجذم
موسى – صلوات الله وسلامه عليه – وهو الملقب بالقوي الأمين في كتاب الله، يوم كلفه الله بالرسالة احتاج إلى المعين والوزير فقال – كما أخبر اله في كتابه- :
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً) (طـه:29- 35)
ماذا قال الله ؟ قال: )قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) (طـه:36)
وفي القصص يقول الله : ( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ).
فالصاحب ضرورة ولا بد، لكن له صفات تحدده وتميزه، لعلنا نقف عندها باختصار، منها:
*أن يكون مؤمنا:
(( فلا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي )) كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ، ولا يكفي أن يكون مؤمنا، فلا بد:
*أن يكون عاقلا:
لأن الأحمق قد يثور عليك فيغضب فيجني عليك وعلى نفسه ويقعد بك عن الهدف المرسوم الذي رسمته لنفسك، وصدق ونصح من قال:
أحذر الأحمق أن تصحبه ......... إنما الأحمق كالثوب الخلق
كلما رقعته من جانب ............ زعزنه الريح يوما فانخرق
أو كصدع في زجاج فاحش....... هل ترى صدع زجاج يرتتق......كلا
*أن يكون عدلا غير فاسق:
أقول ذلك لئلا يجرك فسقه، ود صاحب الفسق والمعصية لو فسق الناس جميعا، لئلا يكون نشازا بينهم
*أن يكون غير مبتدع :
لئلا يلقى عليك الشبه فيتشربها قلبك والقلوب ضعيفة والشبه خطافة كما يقول العلماء .
*أن يكون حسن الخلق غير حريص على الدنيا :
وصدق من قال: شبيه الشيء منجذب إليه، وخير الكلام كلام الله يوم قال
رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور:37).
وإن لم يكن رفقتك بهذه الأوصاف فإني أخشى أن لا تبلغ وجهتك في سفرك، وأن تكون – أجارك الله – ممن يقول حين لا نفع : ( يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) (الفرقان:28).
قد تفسد المرعى على أخواتها ........ شاة تند عن القطيع وتمرق
*محطات الاستراحة:
أما محطات الاستراحة : فإن المسافر بطبعه يكل، وينصب، ويتعب، ويمل، وراحته وأمنه وسكينته (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) (النور:36)
ومن لا يعرفها فحاله كقول القائل:
إن مات مات بلا فقد ولا أسف......أو عاش عاش بلا خلق ولا خُلق