إنَّ الحمدَ لله نحمدُهُ و نستعينُهُ و نستغفرُهُ ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنَا و من سيئاتِ أعمالِنَا ، من يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومن يُضلِل فلا هاديَ له ، وأشهدُ ألاَّ إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى الله عليه و على آلهِ وأصحابهِ وسلَّمَ تسليماً كثيراً ..
أما بعدُ فيا أيُّها الأحبةُ في الله ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذه ليلة الثلاثاء الموافق 16/10/1416 هـ ،وفي هذا الجامعِ المباركِ في مدينةِ الرَّس ، ومع هذا الموضوع والذي هو بعنوان ( رمضانُ و الرَّحيلُ المُر ) ..
وهاهو نصفُ شهرِ أيُّها الأحبةُ يمضي بعدَ رحيلِ رمضان ، بعد رحيلك أيُّها الحبيبُ رمضان ، و يا لَهَا من أيامٍ مُرَّةٍ المذاق ..
ليسألَ كلُّ إنسانٍ منَّا نفسَه : كيفَ حالُكِ أيَّتُها النَّفسُ بعدَ رَمَضَان ؟!
أيُّها الإخوةُ و الأخوات ، لقد تعمَّدتُ تأخيرَ هذا الموضوعِ إلى هذه الأيامِ لنقارنَ بينَ حالِنا في رمضان و حالنا بعدَ رمضان ، رغم أنَّه لم يَمضِ عليه سوى أيامٍ ..
إيهٍ أيَّتُها النفس ! كنتِ قبلَ أيامٍ في صلاةٍ وصيام ، وتلاوةٍ وقيام ، ذكرٍ ودعاء ، وصدقةٍ وإحسانٍ وصلةٍ للأرحام ..
قبل أيامٍ كُنَّا نشعرُ برقةِ القلوب و اتصالِها بعلاَّمِ الغيوب .
كانت تُتلى علينا آياتُ القرآن ، فتخشعُ القلوبُ و تدمعُ العيون،فنزداد إيماناً وخشوعاً وإخباتاً لله سبحانه وتعالى ، ذُقنا حلاوةَ الإيمانِ وعرفنا حقيقةَ الصِّيَام،ذُقنَا لذَّةَ الدمعةِ، وحلاوةَ المناجاةِ في السَّحَر .
كُنَّا نصلِّي صلاةَ من جُعِلَت قرةُ عينِهِ في الصَّلاة ،وكنَّا نصومُ صيامَ من ذاق حلاوتَه و عرف طعمَه ،وكنَّا ننفقُ نفقةَ من لا يخشى الفقر !
كُنَّا و كُنَّا ممَّا كُنَّا نفعلُهُ في هذا الشَّهر المباركِ العظيمِ الذي رَحَلَ عنَّا ..
هكذا نتقلبُ في أعمالِ الخيرِ و أبوابِهِ حتَّى قال قائلُنا : يا ليتني مُتُّ على هذه الحال ! لما يشعرُ به من حلاوةِ الإيمان ولذَّةِ الطَّاعة .
فتذكرتُ حينها قولَ ابن مسعودٍ رضي الله تعالى عنه لمَّا بكى في مرضِ موتِهِ ، فسُئِل : ما الذي يُبكيك ؟ فقال رضي الله عنه : " إنَّما أبكي لأنَّه أصابني في حالِ فَتْرَة – أي الموت – و لم يُصبني في حالِ اجتهاد " . كما في مجمع الزوائد للهيثمي .
و هكذا مَضَتِ الأيامُ ورحَلَ رمضان ، ثُمَّ ماذا ؟
رَحَلْتَ يا رمضانُ و لم يمضِ على رحيلِكَ سوى ليالٍ و أيامٍ ، و لرُبَّمَا رَجَعَ تاركُ الصَّلاةِ لتركِهَا و آكلُ الرِّبَا لأكلِهِ ، وسامعُ الغناءِ لسماعِهِ ومشاهدُ الفُحشِ لفحشِهِ و شاربُ الدخانِ لشربِهِ ..
رَحَلْتَ يا رمضانُ و لم يمضِ على رحيلِكَ سوى ليالٍ و أيامٍ ، و لرُبَّمَا نسينا لذةَ الصِّيامِ فلا السِتُّ من شوال ولا الخميسُ ولا الاثنينُ ولا الثلاثةُ الأيَّام ..
رَحَلْتَ يا رمضانُ و لم يمضِ على رحيلِكَ سوى ليالٍ و أيامٍ ، و لرُبَّمَا لم نَذُقْ فيها طعمَ القيام ، سبحانَ الله ! أينَ ذلك الخشوعُ ؟ و تلك الدموعُ في السجودِ والرُّكوع ؟
أين ذلك التسبيحُ والاستغفارُ ، وأين تلك المناجاةُ لله الواحدِ القهَّار ؟
رَحَلْتَ يا رمضانُ و لم يمضِ على رحيلِكَ سوى ليالٍ و أيامٍ ، و لرُبَّمَا هَجَرْنَا القرآنَ وقد كُنَّا نقرأُ بعدَ الفجرِ وبعدَ الظُّهرِ وبعدَ العصرِ وفي اللَّيلِ و النَّهار ، وهاهُوَ نصفُ شهرٍ مضى فكم قرأنا فيهِ من القرآن ؟
خليليَّ شهرُ الصومِ زُمَّتْ مطاياهُ ................... و سارتْ وفودُ العاشقينَ بمسراهُ
فيا شهرُ لا تبعـــــــــــــدْ لك الخيرُ كلُّهُ ......... و أنت ربيعُ الوصـــلِ يا طيبَ مرعاهُ
نَشرَقُ بدموعِ الفراقِ أيُّها الأحبَّة ، فلا نستطيع أن نَبُثَّ المشاعرَ والآلامَ والأحزانَ ، لما نجدْهُ من فقدِ لَذَّةِ الطَّاعةِ وحلاوةِ الإيمان ..
هكذا حالُ الدُّنيا .. اجتماعٌ وافتراق .. ومَن منَّا لا تؤلمُهُ لحظاتُ الفراق ودموعُ العناق ؟
رمضانُ أيُّها الصديق .. أيُّها الجليسُ الصالِح .. أيُّها الحبيبُ !
أُحِسُّ بجُرحي يا صديقي كأنهَُّ................... يدبُّ إلى أعماقِ قلبي و يوغِلُ
و نفسي أمـــــــــامَ المُغرياتِ قويَّةٌ ............ ولكنَّها عنــــــــــــــــــدَ الأحبَّةِ تسهُلُ
كأنَّ فــــــؤادي لو تأملتُ ما بِهِ .................. بما فيهِ من شتَّى المشاعِرُ مُعمَلُ
رمضان ! كيفَ ترحلُ عنَّا وقد كُنْتَ خيرَ جليسٍ لنا ، بفضل ربِّنا كنتَ عوناً لنا ونحنُ بين قارئٍ وصائمٍ ومنفقٍ وقائم ، ونحن بين بكَّاءٍ ودامعٍ وداعٍ وخاشع ..
رمضان فيك المساجدُ تُعمَر .. والآياتُ تُذكَر .. والقلوبُ تُجبَرُ والذنوبُ تُغفَر ..
كنتَ للمُتَّقينَ روضةً وأُنساً .. وللغافلينَ قيداً وحبساً ..
كيفَ ترحَلُ عنَّا وقد ألِفنَاكَ وعشقناكَ وأحببناك ؟!
رمضان ! ألاَ تسْمَعُ لأنينِ العاشقينَ وآهاتِ الُمحِبِّينَ ؟!
اسمَعْ أنينَ العاشقينَ إنِ استطعتَ له سمَاعَا
راحَ الحبيبُ فشيَّعتْهُ مدامعٌ ذَرَفَتْ سراعَا
لو كُلِّفَ الجبلُ الأصمُّ فراقَ إلفٍ ما استطاعَا
قال ابن رجبٍ في وداعِ رمضان - و اسمعوا لقلوبِ السلفِ رضوانُ اللهِ تعالى عليهم كيف كانت تتخرَّقُ لفراقِ هذا الشهر - : " يا شهرَ رمضانَ ترفَّقْ ! دموعُ المُحبينَ تدفَّقْ ! قلوبُهُم من ألمِ الفراقِ تشقَّقْ ! عسى وقفةَ الوداعِ تطفئُ من نارِ الشَّوقِ ما أحرقْ .. عسى ساعةَ توبةٍ و إقلاعٍ ترقِّعُ من الصِّيامِ ما تخرَّقْ .. عسى منقطعاً عن ركبِ المقبولينَ يلحَقْ .. عسى أسيرَ الأوزارِ يُطلَقْ .. عسى من استوجبَ النارَ يُعتَق ..
عَسَى و عَسَى من قبلِ يومِ التفرُّقِ ......... إلى كلِّ ما نرجو من الخيرِ نرتقي
فيُجبرُ مكسورٌ و يُقبلُ تائبٌ ............... و يُعتقُ خطَّاءٌ و يسعدُ من شقي "
انتهى كلامه رحمه الله .
رَحَلْتَ يا رمضان ، والرَّحيلُ مُرٌّ على الصالحين ، فابكوا عليه بالأحزانِ وودِّعُوه ،وأجرُوا لأجلِ فراقِهِ الدُّموعَ وشيِّعوه ..
دعِ البكاءَ على الأطلالِ والدَّارِ ................ و اذكر لمن بانَ من خلٍّ و من جارِ
ذرِ الدموعَ نحيباً و ابكِ من أسفٍ ........... على فراقِ ليالٍ ذاتِ أنوارِ
على ليالٍ لشهرِ الصومِ ما جُعلَتْ ............... إلا لتمحيصِ آثامٍ و أوزارِ
يا لائمي في البُكا زدني به كَلفاً .......... و اسمع غريبَ أحاديثٍ و أخبارِ
ما كان أحسنُنا و الشملُ مجتمعٌ ............ منَّا المصلِّي و منَّا القانتُ القارِي
الناس بعد رمضان
الناسُ بعد رمضانَ فريقان ، فائزونَ وخاسرونَ، فيا ليتَ شعري من هذا الفائزُ منَّا فنهنيَه ، ومن هذا الخاسـرُ فنعزيَه ؟!
ورحيلُهُ مرٌّ على الجميع .. الفائزينَ والخاسرينَ ..
الرحيلُ مُرٌّ على الفائزينَ لأنَّهم فقدوا أياماً ممتِعَة ، وليالٍ جميلَة .. نهارُها صدقةٌ وصيام وليلُها قراءةٌ وقيام ، نسيمُها الذِّكر والدُّعاء ، وطيبُها الدموعُ والبكاء ..
شعروا بمرارةِ الفراقِ فأرسلوا العَبَرَاتِ والآهَات..كيفَ لا وهو شهرُ الرَّحمَات وتكفيرِ السِّيئاتِ وإقالةُ العَثَرَات ..
كيفَ لا والدعاءُ فيه مسموعٌ و الضُرُّ مدفوعٌ والخيرُ مجموع ؟!
كيف لا نبكي على رحيلِهِ ونحنُ لا نعلمُ أَمِنِ المقبولينَ نحنُ أم مِّن المطرودين ؟!
كيفَ لا نبكي على رحيلِهِ أيُّها الأحبةُ ونحنُ لا ندري أيعودُ ونحنُ في الوجودِ أم في اللِّحود ؟!
الفائزونَ من خشيةِ ربِّهِم مشفقون ! نعم هم فائزونَ ولكنِّهم من خشيةِ ربِّهم مشفقون !
" يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ " على رغمِ أنَّهم في نهارِهِ صيامٌ وقراءةُ قرآن وإطعامٌ وإحسان ، وفي ليلِهِ سجودٌ وركوعٌ وبكاءٌ وخشوعٌ ، وفي الغروبِ والأسحارِ تسبيحٌ و تهليلٌ وذكرٌ واستغفار
الفائزونَ شمَّروا عن سواعدِ الجِدِّ فاجتهدوا واستغفروا وأنابوا ورجعوا ، ما تركوا بابـاً من أبوابِ الخيرِ إلاَّ ولجوا .. ولكن ..مع ذلك كلِّهِ قلوبُهُم وجلةٌ خائفةٌ بعدَ رمضانَ ، أَقُبِلَتْ أعمالُهُم أمْ لا !
أكانت خالصةً لله أمْ لا ! أكانت على الوجهِ الذي ينبغي أمْ لا !
كان السلفُ الصالحُ رضوانُ الله تعالى عليهم يحملونَ همَّ قبولِ العَمَلِ أكثرَ من همِّ القيامِ بالعَمَل نفسِه !
قال عبدُ العزيز بن أبي رواد : أدركتُهُم يجتهدونَ في العمل الصالحِ فإذا فعلُوا وقعَ عليهم الهمُّ أيُقبَلُ منهم أم لا !
لا يغفلونَ عن رمضان ، فإذا فعلوا و انتهوا وقعَ عليهم الهمُّ أيُقبَلُ منهم أم لا ..!!
و قال عليُّ رضي الله تعالى عنه : " كونوا لقبولِ العَمَلِ أشدَّ اهتماماً منكم بالعَمَل ، ألم تسمعوا لقولِ الحقِّ عزَّ وجلَّ : ( إنَّمَا يتقبَّلُ اللهُ مِنَ المتَّقِينَ ) ؟
و قال مالكُ بن دينار : الخوفُ على العَمَل ألا يُتَقبَّلَ أشدُّ مِنَ العَمَل .
ورُويَ عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أنه كانَ يُنادي في آخرِ رمضان : " يا ليتَ شعري من هذا المقبولُ فنهنيَه ؟ ومن هذا المحرومُ فنعزيَه ؟ " .
و عن ابن مسعودٍ أنَّه قال : " من هذا المقبول مِنَّا فنهنيَه ؟ ومن هذا المحرومُ مِنَّا فنعزيَه ؟ " .
أيها المقبولُ هنيئاً لك ! أيُّها المردودُ جَبَرَ اللهُ مصيبتَك !
ليتَ شعري من فيهِ يُقبَلُ منَّا .......... فيُهنَّى .. يا خيبةَ المردودِ
من تولَّى عنهُ بغيرِ قبولٍ ............... أرغمَ اللهُ أنفَه بخزيٍ شديدِ
فيا ليت شعري أيُّها الأحبةُ بعدَ هذه الأيام .. من منَّا أشغلَهُ هذا الهاجسُ وقد مضى نصفُ شهرٍ على رحيلِ رمضان ؟ مَن منَّا أشغله هاجسُ هل قُبِلَتْ أعمالُهُ أم لا ؟
هل نحنُ من الفائزينَ في رمضانَ أم لا ؟ من منَّا لسانُهُ يلهجُ بالدُّعاء أن يَقبَلَ اللهُ منه رمضان ؟
إنَّنا نقرأُ ونسمعُ أنَّ سلفَنَا الصالحَ كانوا يدعونَ اللهَ ستةَ أشهرٍ أن يقبلَ اللهُ منهُم رمضان ، ونحنُ لم يمضِ على رحيلِهِ سوى أيامٍ فهل دعونا أم لا ؟
أم أنَّنا نسينَا رمضانَ وغَفَلْنا عنه و كأنَّنا أَزَحْنَا حِمْلاً ثقيلاً كان جاثماً على صدورِنا !
نعم رَحَلَ رمضان .. لَكَن ماذَا استفَدْنَا مِن رمضَان ؟ وأين آثارُهُ على نفوسِنَا وسلوكِنَا ، وعلى أقوالِنا وأفعالِنا ؟
هكذا حالُ الصَّالحينَ العاملينَ ، فهُم في رمضانَ صيامٌ و قيام ، وتقلُّبٌ في أعمالِ البِرِّ والإحسانِ ..
وبعدَ رمضانَ محاسبةٌ للنَّفس ، وتقديرٌ للربحِ والخُسران ، وخوفٌ من عدم قبولِ الأعمال ، لذا فألسنتُهُم تلهجُ بالدعاءِ والإلحاحِ بأن يقبَلَ اللهُ منهم رمضان .
أما المفرِّطونَ نعوذُ بالله من حالهم ، فهم نوعان :
النوع الأول :
أناس قصَّرُوا فلم يعملوا إلا القليل ، نعم صلَّوا التراويحَ والقيامَ سِرَاعاً .. فهم لم يقوموا إلا القليلَ ، ولم يقرأوا من القرآنِ إلا القليل .. ولم يقدِّموا من الصَّلواتِ إلا القليل..
الصلواتُ المفروضةُ تشكو من تخريقِها ونقرِها ، والصيامُ يئِنُّ من تجريحِهِ وتضييعِه .. والقرآنُ يشكو من هجرِهِ ونثرِهِ .. والصدقةُ ربَّما يتبعُها منٌ وأَذَى ..
الألسنُ يابسةٌ من ذكرِ الله .. غافلةٌ عن الدُّعاءِ والاستغفار ، فهم في صراعٍ مَعَ الشَّهواتِ حتى في رمضان ..
لكنَّ فطرةَ الخيرِ تجذبُهُم ، فتغلبُهُم تارةً ويغلبونهَا تَارَاتٍ !
فهم يصلُّونَ التراويحَ ، لكنَّ قلوبَهُم معلَّقَةٌ بالرياضةِ ومشاهدةِ المباريات ..!
سبحان الله ! حتَّى في رمضان ! حتَّى في العشرِ الأواخرِ أفضلِ الأيَّام !
سبحان الله ! كيفَ أصْبَحَتِ الرياضةُ تُعبَدُ من دونِ الله ؟! لا حولَ ولا قوةَ إلاَّ بالله !
هم يقرأونَ القرآنَ في النَّهار ، لكنَّهُم يصارعونَ النومَ بعد ليالٍ من السَّهَرِ و التَّعَبِ و الإرهاقِ من الدَّوراتِ الرياضيَّة والجلساتِ الفضائيَّة !
أما الصلاة ، فصلاةُ الظُّهرِ عليها السَّلام ! ورُبَّما صلاةُ العصر ، بل وربَّما الفجر ! كلُّ ذلك بسببِ التَّعَبِ والإرهاقِ كما يقولون .
فهؤلاء لم ينتبِهُوا إلاَّ و الحبيبُ يرحَلُ عنهم ، فتجرَّعوا مرارةَ الرَّحيلِ .. بكاءٌ ونَدَم ..
حَزِنُوا ! ولكن بعدَ ماذا ؟ بعدَ فواتِ الأوانِ .. بعد أن انقضت أفضلُ الأيَّام .