منتدى طريق الهدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى اسلامي هادف
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رمضانُ و الرَّحيلُ المُر

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
اسامه محمد عبد الرحمن


رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Default6
اسامه محمد عبد الرحمن


ذكر عدد الرسائل : 683
العمر : 43
الموقع : amkh333@hotmail.com
العمل/الترفيه : بذل الخير للناس
الوسام : رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Member
تاريخ التسجيل : 04/10/2008

رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Empty
مُساهمةموضوع: رمضانُ و الرَّحيلُ المُر   رمضانُ و الرَّحيلُ المُر I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 30, 2008 8:50 am

إنَّ الحمدَ لله نحمدُهُ و نستعينُهُ و نستغفرُهُ ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنَا و من سيئاتِ أعمالِنَا ، من يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومن يُضلِل فلا هاديَ له ، وأشهدُ ألاَّ إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى الله عليه و على آلهِ وأصحابهِ وسلَّمَ تسليماً كثيراً ..

أما بعدُ فيا أيُّها الأحبةُ في الله ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

هذه ليلة الثلاثاء الموافق 16/10/1416 هـ ،وفي هذا الجامعِ المباركِ في مدينةِ الرَّس ، ومع هذا الموضوع والذي هو بعنوان ( رمضانُ و الرَّحيلُ المُر ) ..

وهاهو نصفُ شهرِ أيُّها الأحبةُ يمضي بعدَ رحيلِ رمضان ، بعد رحيلك أيُّها الحبيبُ رمضان ، و يا لَهَا من أيامٍ مُرَّةٍ المذاق ..

ليسألَ كلُّ إنسانٍ منَّا نفسَه : كيفَ حالُكِ أيَّتُها النَّفسُ بعدَ رَمَضَان ؟!

أيُّها الإخوةُ و الأخوات ، لقد تعمَّدتُ تأخيرَ هذا الموضوعِ إلى هذه الأيامِ لنقارنَ بينَ حالِنا في رمضان و حالنا بعدَ رمضان ، رغم أنَّه لم يَمضِ عليه سوى أيامٍ ..

إيهٍ أيَّتُها النفس ! كنتِ قبلَ أيامٍ في صلاةٍ وصيام ، وتلاوةٍ وقيام ، ذكرٍ ودعاء ، وصدقةٍ وإحسانٍ وصلةٍ للأرحام ..

قبل أيامٍ كُنَّا نشعرُ برقةِ القلوب و اتصالِها بعلاَّمِ الغيوب .

كانت تُتلى علينا آياتُ القرآن ، فتخشعُ القلوبُ و تدمعُ العيون،فنزداد إيماناً وخشوعاً وإخباتاً لله سبحانه وتعالى ، ذُقنا حلاوةَ الإيمانِ وعرفنا حقيقةَ الصِّيَام،ذُقنَا لذَّةَ الدمعةِ، وحلاوةَ المناجاةِ في السَّحَر .

كُنَّا نصلِّي صلاةَ من جُعِلَت قرةُ عينِهِ في الصَّلاة ،وكنَّا نصومُ صيامَ من ذاق حلاوتَه و عرف طعمَه ،وكنَّا ننفقُ نفقةَ من لا يخشى الفقر !

كُنَّا و كُنَّا ممَّا كُنَّا نفعلُهُ في هذا الشَّهر المباركِ العظيمِ الذي رَحَلَ عنَّا ..

هكذا نتقلبُ في أعمالِ الخيرِ و أبوابِهِ حتَّى قال قائلُنا : يا ليتني مُتُّ على هذه الحال ! لما يشعرُ به من حلاوةِ الإيمان ولذَّةِ الطَّاعة .

فتذكرتُ حينها قولَ ابن مسعودٍ رضي الله تعالى عنه لمَّا بكى في مرضِ موتِهِ ، فسُئِل : ما الذي يُبكيك ؟ فقال رضي الله عنه : " إنَّما أبكي لأنَّه أصابني في حالِ فَتْرَة – أي الموت – و لم يُصبني في حالِ اجتهاد " . كما في مجمع الزوائد للهيثمي .

و هكذا مَضَتِ الأيامُ ورحَلَ رمضان ، ثُمَّ ماذا ؟

رَحَلْتَ يا رمضانُ و لم يمضِ على رحيلِكَ سوى ليالٍ و أيامٍ ، و لرُبَّمَا رَجَعَ تاركُ الصَّلاةِ لتركِهَا و آكلُ الرِّبَا لأكلِهِ ، وسامعُ الغناءِ لسماعِهِ ومشاهدُ الفُحشِ لفحشِهِ و شاربُ الدخانِ لشربِهِ ..

رَحَلْتَ يا رمضانُ و لم يمضِ على رحيلِكَ سوى ليالٍ و أيامٍ ، و لرُبَّمَا نسينا لذةَ الصِّيامِ فلا السِتُّ من شوال ولا الخميسُ ولا الاثنينُ ولا الثلاثةُ الأيَّام ..

رَحَلْتَ يا رمضانُ و لم يمضِ على رحيلِكَ سوى ليالٍ و أيامٍ ، و لرُبَّمَا لم نَذُقْ فيها طعمَ القيام ، سبحانَ الله ! أينَ ذلك الخشوعُ ؟ و تلك الدموعُ في السجودِ والرُّكوع ؟

أين ذلك التسبيحُ والاستغفارُ ، وأين تلك المناجاةُ لله الواحدِ القهَّار ؟

رَحَلْتَ يا رمضانُ و لم يمضِ على رحيلِكَ سوى ليالٍ و أيامٍ ، و لرُبَّمَا هَجَرْنَا القرآنَ وقد كُنَّا نقرأُ بعدَ الفجرِ وبعدَ الظُّهرِ وبعدَ العصرِ وفي اللَّيلِ و النَّهار ، وهاهُوَ نصفُ شهرٍ مضى فكم قرأنا فيهِ من القرآن ؟

خليليَّ شهرُ الصومِ زُمَّتْ مطاياهُ ................... و سارتْ وفودُ العاشقينَ بمسراهُ

فيا شهرُ لا تبعـــــــــــــدْ لك الخيرُ كلُّهُ ......... و أنت ربيعُ الوصـــلِ يا طيبَ مرعاهُ



نَشرَقُ بدموعِ الفراقِ أيُّها الأحبَّة ، فلا نستطيع أن نَبُثَّ المشاعرَ والآلامَ والأحزانَ ، لما نجدْهُ من فقدِ لَذَّةِ الطَّاعةِ وحلاوةِ الإيمان ..

هكذا حالُ الدُّنيا .. اجتماعٌ وافتراق .. ومَن منَّا لا تؤلمُهُ لحظاتُ الفراق ودموعُ العناق ؟

رمضانُ أيُّها الصديق .. أيُّها الجليسُ الصالِح .. أيُّها الحبيبُ !

أُحِسُّ بجُرحي يا صديقي كأنهَُّ................... يدبُّ إلى أعماقِ قلبي و يوغِلُ

و نفسي أمـــــــــامَ المُغرياتِ قويَّةٌ ............ ولكنَّها عنــــــــــــــــــدَ الأحبَّةِ تسهُلُ

كأنَّ فــــــؤادي لو تأملتُ ما بِهِ .................. بما فيهِ من شتَّى المشاعِرُ مُعمَلُ



رمضان ! كيفَ ترحلُ عنَّا وقد كُنْتَ خيرَ جليسٍ لنا ، بفضل ربِّنا كنتَ عوناً لنا ونحنُ بين قارئٍ وصائمٍ ومنفقٍ وقائم ، ونحن بين بكَّاءٍ ودامعٍ وداعٍ وخاشع ..

رمضان فيك المساجدُ تُعمَر .. والآياتُ تُذكَر .. والقلوبُ تُجبَرُ والذنوبُ تُغفَر ..

كنتَ للمُتَّقينَ روضةً وأُنساً .. وللغافلينَ قيداً وحبساً ..

كيفَ ترحَلُ عنَّا وقد ألِفنَاكَ وعشقناكَ وأحببناك ؟!

رمضان ! ألاَ تسْمَعُ لأنينِ العاشقينَ وآهاتِ الُمحِبِّينَ ؟!

اسمَعْ أنينَ العاشقينَ إنِ استطعتَ له سمَاعَا

راحَ الحبيبُ فشيَّعتْهُ مدامعٌ ذَرَفَتْ سراعَا

لو كُلِّفَ الجبلُ الأصمُّ فراقَ إلفٍ ما استطاعَا



قال ابن رجبٍ في وداعِ رمضان - و اسمعوا لقلوبِ السلفِ رضوانُ اللهِ تعالى عليهم كيف كانت تتخرَّقُ لفراقِ هذا الشهر - : " يا شهرَ رمضانَ ترفَّقْ ! دموعُ المُحبينَ تدفَّقْ ! قلوبُهُم من ألمِ الفراقِ تشقَّقْ ! عسى وقفةَ الوداعِ تطفئُ من نارِ الشَّوقِ ما أحرقْ .. عسى ساعةَ توبةٍ و إقلاعٍ ترقِّعُ من الصِّيامِ ما تخرَّقْ .. عسى منقطعاً عن ركبِ المقبولينَ يلحَقْ .. عسى أسيرَ الأوزارِ يُطلَقْ .. عسى من استوجبَ النارَ يُعتَق ..

عَسَى و عَسَى من قبلِ يومِ التفرُّقِ ......... إلى كلِّ ما نرجو من الخيرِ نرتقي

فيُجبرُ مكسورٌ و يُقبلُ تائبٌ ............... و يُعتقُ خطَّاءٌ و يسعدُ من شقي "

انتهى كلامه رحمه الله .

رَحَلْتَ يا رمضان ، والرَّحيلُ مُرٌّ على الصالحين ، فابكوا عليه بالأحزانِ وودِّعُوه ،وأجرُوا لأجلِ فراقِهِ الدُّموعَ وشيِّعوه ..



دعِ البكاءَ على الأطلالِ والدَّارِ ................ و اذكر لمن بانَ من خلٍّ و من جارِ

ذرِ الدموعَ نحيباً و ابكِ من أسفٍ ........... على فراقِ ليالٍ ذاتِ أنوارِ

على ليالٍ لشهرِ الصومِ ما جُعلَتْ ............... إلا لتمحيصِ آثامٍ و أوزارِ

يا لائمي في البُكا زدني به كَلفاً .......... و اسمع غريبَ أحاديثٍ و أخبارِ

ما كان أحسنُنا و الشملُ مجتمعٌ ............ منَّا المصلِّي و منَّا القانتُ القارِي



الناس بعد رمضان


الناسُ بعد رمضانَ فريقان ، فائزونَ وخاسرونَ، فيا ليتَ شعري من هذا الفائزُ منَّا فنهنيَه ، ومن هذا الخاسـرُ فنعزيَه ؟!

ورحيلُهُ مرٌّ على الجميع .. الفائزينَ والخاسرينَ ..

الرحيلُ مُرٌّ على الفائزينَ لأنَّهم فقدوا أياماً ممتِعَة ، وليالٍ جميلَة .. نهارُها صدقةٌ وصيام وليلُها قراءةٌ وقيام ، نسيمُها الذِّكر والدُّعاء ، وطيبُها الدموعُ والبكاء ..

شعروا بمرارةِ الفراقِ فأرسلوا العَبَرَاتِ والآهَات..كيفَ لا وهو شهرُ الرَّحمَات وتكفيرِ السِّيئاتِ وإقالةُ العَثَرَات ..

كيفَ لا والدعاءُ فيه مسموعٌ و الضُرُّ مدفوعٌ والخيرُ مجموع ؟!

كيف لا نبكي على رحيلِهِ ونحنُ لا نعلمُ أَمِنِ المقبولينَ نحنُ أم مِّن المطرودين ؟!

كيفَ لا نبكي على رحيلِهِ أيُّها الأحبةُ ونحنُ لا ندري أيعودُ ونحنُ في الوجودِ أم في اللِّحود ؟!

الفائزونَ من خشيةِ ربِّهِم مشفقون ! نعم هم فائزونَ ولكنِّهم من خشيةِ ربِّهم مشفقون !

" يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ " على رغمِ أنَّهم في نهارِهِ صيامٌ وقراءةُ قرآن وإطعامٌ وإحسان ، وفي ليلِهِ سجودٌ وركوعٌ وبكاءٌ وخشوعٌ ، وفي الغروبِ والأسحارِ تسبيحٌ و تهليلٌ وذكرٌ واستغفار

الفائزونَ شمَّروا عن سواعدِ الجِدِّ فاجتهدوا واستغفروا وأنابوا ورجعوا ، ما تركوا بابـاً من أبوابِ الخيرِ إلاَّ ولجوا .. ولكن ..مع ذلك كلِّهِ قلوبُهُم وجلةٌ خائفةٌ بعدَ رمضانَ ، أَقُبِلَتْ أعمالُهُم أمْ لا !

أكانت خالصةً لله أمْ لا ! أكانت على الوجهِ الذي ينبغي أمْ لا !

كان السلفُ الصالحُ رضوانُ الله تعالى عليهم يحملونَ همَّ قبولِ العَمَلِ أكثرَ من همِّ القيامِ بالعَمَل نفسِه !

قال عبدُ العزيز بن أبي رواد : أدركتُهُم يجتهدونَ في العمل الصالحِ فإذا فعلُوا وقعَ عليهم الهمُّ أيُقبَلُ منهم أم لا !

لا يغفلونَ عن رمضان ، فإذا فعلوا و انتهوا وقعَ عليهم الهمُّ أيُقبَلُ منهم أم لا ..!!

و قال عليُّ رضي الله تعالى عنه : " كونوا لقبولِ العَمَلِ أشدَّ اهتماماً منكم بالعَمَل ، ألم تسمعوا لقولِ الحقِّ عزَّ وجلَّ : ( إنَّمَا يتقبَّلُ اللهُ مِنَ المتَّقِينَ ) ؟

و قال مالكُ بن دينار : الخوفُ على العَمَل ألا يُتَقبَّلَ أشدُّ مِنَ العَمَل .

ورُويَ عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أنه كانَ يُنادي في آخرِ رمضان : " يا ليتَ شعري من هذا المقبولُ فنهنيَه ؟ ومن هذا المحرومُ فنعزيَه ؟ " .

و عن ابن مسعودٍ أنَّه قال : " من هذا المقبول مِنَّا فنهنيَه ؟ ومن هذا المحرومُ مِنَّا فنعزيَه ؟ " .

أيها المقبولُ هنيئاً لك ! أيُّها المردودُ جَبَرَ اللهُ مصيبتَك !

ليتَ شعري من فيهِ يُقبَلُ منَّا .......... فيُهنَّى .. يا خيبةَ المردودِ

من تولَّى عنهُ بغيرِ قبولٍ ............... أرغمَ اللهُ أنفَه بخزيٍ شديدِ



فيا ليت شعري أيُّها الأحبةُ بعدَ هذه الأيام .. من منَّا أشغلَهُ هذا الهاجسُ وقد مضى نصفُ شهرٍ على رحيلِ رمضان ؟ مَن منَّا أشغله هاجسُ هل قُبِلَتْ أعمالُهُ أم لا ؟

هل نحنُ من الفائزينَ في رمضانَ أم لا ؟ من منَّا لسانُهُ يلهجُ بالدُّعاء أن يَقبَلَ اللهُ منه رمضان ؟

إنَّنا نقرأُ ونسمعُ أنَّ سلفَنَا الصالحَ كانوا يدعونَ اللهَ ستةَ أشهرٍ أن يقبلَ اللهُ منهُم رمضان ، ونحنُ لم يمضِ على رحيلِهِ سوى أيامٍ فهل دعونا أم لا ؟

أم أنَّنا نسينَا رمضانَ وغَفَلْنا عنه و كأنَّنا أَزَحْنَا حِمْلاً ثقيلاً كان جاثماً على صدورِنا !

نعم رَحَلَ رمضان .. لَكَن ماذَا استفَدْنَا مِن رمضَان ؟ وأين آثارُهُ على نفوسِنَا وسلوكِنَا ، وعلى أقوالِنا وأفعالِنا ؟

هكذا حالُ الصَّالحينَ العاملينَ ، فهُم في رمضانَ صيامٌ و قيام ، وتقلُّبٌ في أعمالِ البِرِّ والإحسانِ ..

وبعدَ رمضانَ محاسبةٌ للنَّفس ، وتقديرٌ للربحِ والخُسران ، وخوفٌ من عدم قبولِ الأعمال ، لذا فألسنتُهُم تلهجُ بالدعاءِ والإلحاحِ بأن يقبَلَ اللهُ منهم رمضان .

أما المفرِّطونَ نعوذُ بالله من حالهم ، فهم نوعان :

النوع الأول :

أناس قصَّرُوا فلم يعملوا إلا القليل ، نعم صلَّوا التراويحَ والقيامَ سِرَاعاً .. فهم لم يقوموا إلا القليلَ ، ولم يقرأوا من القرآنِ إلا القليل .. ولم يقدِّموا من الصَّلواتِ إلا القليل..

الصلواتُ المفروضةُ تشكو من تخريقِها ونقرِها ، والصيامُ يئِنُّ من تجريحِهِ وتضييعِه .. والقرآنُ يشكو من هجرِهِ ونثرِهِ .. والصدقةُ ربَّما يتبعُها منٌ وأَذَى ..

الألسنُ يابسةٌ من ذكرِ الله .. غافلةٌ عن الدُّعاءِ والاستغفار ، فهم في صراعٍ مَعَ الشَّهواتِ حتى في رمضان ..

لكنَّ فطرةَ الخيرِ تجذبُهُم ، فتغلبُهُم تارةً ويغلبونهَا تَارَاتٍ !

فهم يصلُّونَ التراويحَ ، لكنَّ قلوبَهُم معلَّقَةٌ بالرياضةِ ومشاهدةِ المباريات ..!

سبحان الله ! حتَّى في رمضان ! حتَّى في العشرِ الأواخرِ أفضلِ الأيَّام !

سبحان الله ! كيفَ أصْبَحَتِ الرياضةُ تُعبَدُ من دونِ الله ؟! لا حولَ ولا قوةَ إلاَّ بالله !

هم يقرأونَ القرآنَ في النَّهار ، لكنَّهُم يصارعونَ النومَ بعد ليالٍ من السَّهَرِ و التَّعَبِ و الإرهاقِ من الدَّوراتِ الرياضيَّة والجلساتِ الفضائيَّة !

أما الصلاة ، فصلاةُ الظُّهرِ عليها السَّلام ! ورُبَّما صلاةُ العصر ، بل وربَّما الفجر ! كلُّ ذلك بسببِ التَّعَبِ والإرهاقِ كما يقولون .

فهؤلاء لم ينتبِهُوا إلاَّ و الحبيبُ يرحَلُ عنهم ، فتجرَّعوا مرارةَ الرَّحيلِ .. بكاءٌ ونَدَم ..

حَزِنُوا ! ولكن بعدَ ماذا ؟ بعدَ فواتِ الأوانِ .. بعد أن انقضت أفضلُ الأيَّام .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.kate3.com
اسامه محمد عبد الرحمن


رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Default6
اسامه محمد عبد الرحمن


ذكر عدد الرسائل : 683
العمر : 43
الموقع : amkh333@hotmail.com
العمل/الترفيه : بذل الخير للناس
الوسام : رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Member
تاريخ التسجيل : 04/10/2008

رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضانُ و الرَّحيلُ المُر   رمضانُ و الرَّحيلُ المُر I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 30, 2008 8:50 am

النوع الثاني :

أما النوعُ الثاني من المفرِّطينَ فهُمُ الخاسرونَ ،نعوذُ بالله من الخسران .

فهناك من لم يَقُم رَمَضَان .. ولم يقرأِ القرآنَ .. ورُبَّمَا لم يَصُم في رمضان ، فنهارُهُ ليلٌ وليلُهُ ويل !

لا الأواخرَ عرفوها ولا ليلةَ القَدْر قَدَّروها ..

فمتى يصلحُ من لا يصلُحُ في رَمَضَان ؟

متى يصُحُّ من كان من داءِ الجَهَالَةِ والغَفْلَةِ مَرْضَان؟

مَن فَرَّطَ في الزَّرع في وقتِ البَذَارِ ،لم يحصدْ غيرَ النَّدَمِ والخَسَار .

مساكينُ هؤلاء ، فاتَهم رمضانُ وخيرُ رمضان ، فأصابَهم الحرمانُ وحَلَّتْ عليهِمُ الخيبةُ والخُسران !

قلوبٌ خَلَتْ من التَّقوى فهي خرابٌ بَلْقَع ، لا صيامٌ ينفع ولا قيامٌ يَشْفَع .

قلوبٌ كالحجارةِ أو أشدٌّ قَسوة ، حالُها في رمضان كحالِ أهلِ الشَّقوة ، لا الشابُّ منهم ينتهي عن الصَّبوة ، ولا الشيخُ يَنـزَجِرُ فيلحقُ بالصَّفوة .

أيُّها الخاسر ! رَحَلَ رمضانُ وهو يشهدُ عليكَ بالخُسران فأصبحَ لكَ خصماً يومَ القيامة .

رَحَلَ رمضانُ وهو يشهدُ عليكَ بِهَجْرِ القُرآن ، فيا وَيلَ من جَعَلَ خصمَهُ القرآنَ وشهرَ رمَضَان !

فيا مَن فرَّطَ في عُمُرِهِ وأضَاعَه ، كيف ترجو الشَّفاعة ؟ أتعتذِرُ برحمةِ الله ؟ أتقولُ لنا إنَّ اللهَ غفورٌ رحيم ؟

نعم ! لكن " إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قريبٌ مِنَ المحُسنِينَ " ، العاملين للأسبابِ ، الخائفينَ المُشفقين .

سُئِلَ ابنُ عباسٍ عن رَجُلٍ يصومُ النَّهارَ ويقومُ اللَّيلَ ولا يشهدُ الجمعةَ والجمـاعات ، فقال رضيَ اللهُ تعالى عنه : " هُوَ في النَّار " !

و في صحيحِ ابنِ حبَّان عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ تعالى عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَعَدَ المِنبَرَ فقال : " آمينَ ! آمينَ ! آمينَ ! " ، قيلَ : يا رسولَ الله إنَّك صعدْتَ المنبرَ فقلتَ آمينَ ، آمينَ ، آمينَ ! قال : " إنَّ جبريلَ أتاني فقال من أدركَ شهرَ رمضانَ فَلَم يُغفرْ له فَدَخَلَ النَّارَ فأبعدَهُ الله ، قُل : آمينَ ! فقُلتُ : آمينَ .. إلى آخر الحديث " .

فأبعدَهُ الله ! فكم أولئكَ المبعدينَ عن رحمةِ الله !

فيَا أيُّهَا الخاسرُ .. نعم رَحَلَ رمضانُ ورُبَّما خسرتَ خسارةً عظيمة ، ولكن ، الحمدُ لله فمَا زالَ البابُ مفتوحاً والخيرُ مفسوحاً ..

وقبلَ غرغرةِ الرُّوحِ ابكِ على نفسكَ وأكثرِ النَّوح ، وقل لها :

ترحَّلَ الشَّهرُ –وا لهفاهُ – وانصَرَمَا .............. واختُصَّ بالفوزِ في الجنَّاتِ من خَدَمَا

وأصبحَ الغَافِلُ المسكينُ منكسراً............... مثلي ! فيَا وَيحَهُ يا عُظمَ مَا حُرِمَا !

من فاتَهُ الزَّرعُ في وقتِ البَذَارِ فَمَا .............. تراهُ يحصُدُ إلاَّ الهمَّ والنَّدَمَا

طُوبى لِمَن كانتِ التَّقوى بضاعتَه ............... في شهرِهِ وبحبلِ اللهِ مُعتَصِمَا



المفرطون في صلاة الجماعة :

يا مَن بُليتَ بالتَّفريطِ بصلاةِ الجَمَاعة ، هاهُوَ نصفُ شهرٍ يمضي بعدَ رحيلِ رمضان ، فما هُو حالُكَ والصَّلاة ؟

يا من بُليتَ بالتَّفريطِ بصلاةِ الجماعةِ وبالإفراطِ في المعاصي والشهوات ، شهرٌ كاملٌ وأنتَ تُحافظُ على صلاةِ الجماعةِ مَعَ المُسلمينَ ، تركعُ مَعَ الرَّاكعينَ وتسجُدُ مَعَ السَّاجدينَ ، فما هو شعورُك وأنت ترى المصلِّينَ عن يمينِكَ ويسارِكَ ؟

إنَّهم بشرٌ مثلُك ، اسألْ نفسَكَ ! يحرصونَ على صلاةِ الجماعةِ كلَّ الشهورِ وأنتَ لا ! لماذا ؟!

جاهدُوا أنفسَهُم وتغلَّبوا عليها وأنتَ لا ! لماذا ؟!

يتقدَّمونَ وأنتَ تَتَأخَّر ! لماذا ؟!

واللهِ لا أَشُكُّ أنَّكَ تحبُّ اللهَ كما يحبُّونَ ، وترغبُ في الجنةِ كما يرغبون ، فلماذا يتقدَّمونَ وأنت تتأخَّر ؟! ويواظبونَ وأنت تُهمِل ؟!

حدِّثنا عن الراحةِ والسَّعادةِ يوم وطِئَتْ قدماكَ عتبةَ المسجِد ، حدِّثنا عن اللَّذةِ والحلاوةِ يومَ سجدْتَ مَعَ الساجدينَ وركعتَ مَعَ الرَّاكعينَ ، تسلِّمُ عليهِم ويسلِّمونَ عليكَ .. تحدِّثُهُم ويحدِّثُوكَ ..

إنَّ اللهَ لم يعذرِ المجاهدَ في سبيلِهِ في تركِ الجماعةِ وهو في ساحةِ الجِهَادِ يُقَاتِلُ العدوَّ ، فقـال اللهُ سبحانَه وتعالى : " فَلْيُصَلُّوا مَعَك .." .

و النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لم يعذُرِ الأعمَى فبيتُهُ بعيد ، وبينَه وبينَ المسجِدِ وادٍ فيه سباعٌ وهوامّ ، وليسَ له قائدٌ يقودُهُ إلى المسجِدِ ، كلُّ هذِهِ الظروفُ ولم يعذُرْهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأنَّه يسمعُ النِّدَاء ! فقال له :

" أَجِبْ ! فإنِّي لا أجدُ لَكَ عُذراً ! " .

فيا أيُّها المفرِّطُ في صلاةِ الجماعةِ هل تجدُ لكَ عُذراً بعد هذا ؟ نعوذُ بالله من العجزِ والكَسَلِ والخُمُول !

إذن ، فلتكُن هذِهِ الأيَّامُ ، وليَكُن نصفُ الشَّهرِ هذا فرصةً وانطلاقةً للمحافظة على الصَّلاةِ والجماعَة ..

و كلُّ شيءٍ يهونُ إلا تَركُ الصَّلاة ، فهو كُفْرٌ وضلالٌ والعياذُ بالله .

ويا من بُلِيت ببعضِ الذُّنوب ، إيَّاك إيَّاك بعد رمضانَ أن تعودَ ، شهرٌ كاملٌ وأنتَ تجاهدُ النَّفسَ وتصبِّرُها ، وتجمعُ الحسناتِ وتحسبُهُا ، فهل بعد هذا تراكَ تنقضُهُا ؟ فالله عزَّ وجلَّ يقول : "وَلا تَكُونُوا كالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أنكَاثَاً " .

فيَا مَن أَعتَقَهُ مولاهُ من النَّار ، إيَّاكَ أن تعودَ إلى الأوزارِ ، أيبعدُكَ مولاكَ من النَّارِ وأنت تتقرَّبُ مِنهَا ؟ وينقذُكَ منها وأنتَ توقِعُ نفسَكَ فيها ولا تَحِيدَ عنهَا ؟!



المدخنون بعد رمضان :

يا من بُلِيتَ بالتَّدخين ، شهرٌ كاملٌ وأنت تفارقُهُ ساعاتٍ طويلةٍ ، وإذا حدَّثناكَ عن أخطارِهِ وحكمه قلت : لم أستطِعْ تركَه ! فمِن أينَ لَكَ هَذِهِ الإرادةُ وهذِهِ العزيمةُ في رمضان ، وقد صبرْتَ عنْهُ حوالَي اثنتي عشرةَ ساعةٍ أو أكثر ؟ إذن فاعلم أنَّ رمضانَ فرصةٌ للإقلاعِ عنه .

و قد جاءني أحدُ الإخوةِ في رمضانَ في آخِرِهِ ، يبشِّرُني بتركِهِ للتَّدخينِ ، فقُلتُ : أخشَى عليكَ مِنَ العَودة ، قال : لا ! فأنا تركتُهُ بعزيمتي وإرادتي . قلتُ : ابتَعِد عن أسبابِهِ وأهلِهِ ، قال : واللهِ إنِّي أرى المدخِّنَ يدخِّنُ وكأنِّي لم أرَ الدُّخانَ في حياتي .. فأنا تركتُهُ برغبتي وإرادتي إلى غيرِ رجعةٍ إن شاءَ الله . قلت : الحمدُ لله ، وكنتُ أعلَمُ أنَّ خلفَهُ زوجةً صالحةً تذكِّرُهُ ، تارةً بالكَلِمَةِ الطيِّبَة ، وتارةً بالكتابِ والشَّريط ، وتارةً بتخويفِهِ بالله .

فيا كلَّ مدخِّنٍ و مُبتَلَى ، رمضانُ فرصة ، ونصفُ الشَّهر هذا فرصةٌ لمقارنةِ الحال ، ولكنَّها الهزيمةُ النَّفسيَّةٌ ، والهِمَّةُ الدنيَّة ، يومَ يهزمُكَ عودُ سيجارَة !

قِيلَ لِبعضِ العُبَّادِ : مَن شرُّ النَّاس ؟ قال : مَن لا يُبالي أن يراه النَّاسُ مُسيئاً !

ورُبَّما أيُّها المدخِّنُ أشعلتَ سيجارتَك أمامَ النَّاسِ ، فرأوكَ مُسيئاً !

أيُّها المدخِّن ! إن اصبعَ السبَّابَةِ الَّذي يشهَدُ للهِ بالوحدَانيَّة في الصَّلاةِ ليرفضُ أن يُمسِكَ بعودِ سيجارَةٍ يعصي بها الله !

أيُّها المدخِّنُ .. أيُّها الحبيبُ ! هل تعلمُ أنَّ التدخينَ مفتاحٌ لكلِّ شرٍّ وفجورٍ ؟ لا تَقُل لا .. فإنَّ مَن رآكَ تدخِّنُ تجَاسَرَ عليكَ في كلِّ بلاءٍ وفتنة ، ورُبَّما يدعوكَ للِّواطِ والزِّنا ، والمخدِّراتِ والرِّبا ، إلاَّ من عَصَمَ الله ، أسأل الله أن يحفظكَ ويرعاكَ مِن كلِّ سُوء .

أيُّها الحبيبُ ! اسألْ نَفَسَكَ ما الفرقُ بينَ مَن بيدِهِ عودُ سواكٍ ، ومَن بيدِهِ عودُ هَلاك ؟!

أَجِب بكلِّ صراحةٍ ، أَجِب واترِكِ الهوى ، واعلمْ أنَّ هذِهِ الأيامَ فرصةٌ لا تعوَّضُ لتركِ هذا البلاء ، وخاصَّةً أنَّكَ نجحتَ في رمضان ، فاستَعِن باللهِ وتوكَّلْ عليهِ ، وكُن صاحبَ هِمَّةٍ عاليَةٍ وعزيمةٍ صادِقَة .



حالُنا بعدَ رَمَضَان
الصلاةُ :

أيّها المُسلِم ، شهرٌ كاملٌ وأنتَ في ركوعٍ وسجودٍ ، تصلِّي في الليلةِ ساعاتٌ لا تَكَلُّ ولا تَمَلُّ ،ثُمَّ بعـدَ رمضَانَ ، تتغيَّرُ أحوالُنَا وتنقلبُ صلاتُنا ، سبحانَ الله !

أ نعجزُ أن نصلِّي ساعةً أو نصفَ ساعةٍ ، وقد كُنَّا نصلِّي الثلاثَ والأربعَ السَّاعاتِ في رَمَضَان ؟

أيُّها الصَّالحُ ، لستَ غريباً عن قيامِ اللَّيلِ ، فقد ذُقْتَ لَذَّةَ الدَّمعةِ عندَ السَّحَر في رَمَضَان ، ولَذَّةَ المُناجَاةِ وحلاوةِ السُّجود، ورأيتَ بنفسِكَ كيفَ استطعتَ أن تروِّضَ نفسَكَ ذلكَ التَّرويضَ العَجِيبَ في رَمَضَان !

هِمَّةٌ وعَزِيمَةٌ وإصرارٌ ، فيا سُبحانَ الله ! أين هذا في غير رمضانَ ؟ إنَّكَ قادرٌ ! فقد حاولتَ ونجحتَ، لا بل وشعرتَ بالأَثَرِ العجيبِ والأُنسِ الغريبِ وأنتَ تُناجِي الحبيبَ ! فما الَّذي دهاك ؟!

وأنتَ تُذكِّرُ الغافلينَ أنَّ ربَّ رمضانَ ربُّ غيرِهِ من الشُّهورِ .. فلماذا تركتَ قيامَ الَّليل ؟

عاهِدْ نفسَكَ أيُّها الحبيبُ ألاَّ تتركَ قيامَ اللَّيل ليلةً واحدةً ، وإنْ ذكَّرَتْكَ بالتَّعَبِ والإرهاقِ فَذَكِّرْهَا بِلَذَّةِ وحلاوَةِ القيامِ في رَمَضَان .

القرآن :

أيُّها المُسلِم .. شهرٌ كاملٌ وأنتَ تقرأُ وتُبَكِّرُ للصَّلاة ، فتقرأُ قبلَهَا وبعدَهَا وتحرِصُ على خَتْمِهِ مَرَّات

نَعَم .. خَرَجَ رَمَضَان ، والقرآنُ هُوَ القُرآن ، والأجرُ هو الأجرُ والرَّبُّ هُوَ الرَّبُّ ، فما الَّذي حَدَثَ للنُّفوسِ أيُّها الأحبَّة ؟!

هجرٌ غريبٌ وعجيبٌ لقراءةِ القرآنِ وختمِهِ ، رُبَّمَا قَرَأَ الإنسانُ مِنَّا أكثرَ من خمسةِ أجزاءٍ في رَمَضَان ، ويجلسُ السَّاعات ، أفَلا نستطيعُ أن نجلسُ ثُلُثَ ساعةٍ في اليومِ الواحدِ لقراءةِ جزءٍ واحدٍ فنختمُ القرآنَ كلَّ شهرٍ مرَّةً على الأقَلَّ؟!

إنَّها ثُلُثُ ساعةٍ في غيرِ رَمَضان ، فإذا ثَقُلَ ذلك فتذَكَّرِ السَّاعاتِ التي تقرأها في رَمَضان ..

أيُّ شهرٍ قد تولَّى .............. يا عبادَ الله عنَّا

حُقَّ أنْ نَبكي عليهِ ........... بدماءٍ لو عَقِلْنا

كيفَ لا نبكي لشهرٍ ........ مَرَّ بالغفلةِ عنَّا

ثُمَّ لا نعلمُ أنَّا .................. قَد قُبِلنَا أو طُرِدْنَا

ليتَ شِعِري مَن هُوَ ............. المَطرودُ والمحرومُ مِنَّا

و مَنِ المقبولُ مِمَّنْ ............ صامَ مِنَّا فيُهَنَّى

كانَ هذا الشَّهرُ نوراً ......... بيننا يُزهِرُ حُسنَاً

فاجعلِ اللَّهُمَّ عُقبَاهُ .......... لنا نوراً وحُسنَى



اللهم آمين .

الدعـــــاء :

أيُّها المُسلِم .. شهرٌ كاملٌ وأنت تدعو وتُلِحُّ على الله بالدُّعاء ، مرَّاتٌ في السجود ، ومرَّاتٌ عندَ السَّحَرِ والغُرُوب .. لماذا ؟ تسألُ اللهَ رضاه والجنَّةَ ، وتعوذُ به من سخطِهِ والنَّارِ ، فهل ضمنتَ الجنَّةَ يومَ تركتَ الدُّعاءَ بعدَ رمضانَ ؟

وتسألُهُ العفوَ والغفرانَ عن الذُّنوبِ والتَّقصيرِ ، فهل ضمنتَ الغفرانَ أم انتهتِ الغفلةُ والتقصيرُ يومَ تركتَ الدُّعاءَ بعدَ رمضان ؟

أيُّها الأحبَّة .. إنَّ من ندعوهُ في رمضانَ هُوَ من ندعوهُ في غيرِ رمضانَ ، و إنَّ من نسألُهُ في رمضانَ هُوَ الَّذي نسألُهُ في غيرِ رمضانَ .. فما الَّذي حَدَث ؟! ولماذا نتوقَّفُ ونفتُرُ عن الدُّعاءِ ؟

نَعَم .. رمضانُ وقتُ إجابةِ للدُّعاءِ ، لكنَّ أدبارَ الصَّلواتِ وعندَ الغروبِ وآخرَ الَّليلِ وساعةَ الجُمُعةِ وفي السُّجُودِ وبينَ الآذانَينِ كلُّهَا أوقاتُ إجابة ، بل ودعاءُ المظلومِ والمسافرِ والوالدِ لولدِهِ والأخِ لأخيهِ بظهرِ الغيبِ ، كلُّها لا تُردُّ بفضلِ الله ..!

فما الَّذي جَرَى ؟ ما الَّذي دهَانَا ؟؟ والمدعوُّ هُوَ المدعوُّ ، والحاجاتُ هي الحاجاتُ ، والمسلمونَ بأمسِّ الحاجاتِ لدعواتِكَ الصادقةِ التي لا تنقَطِعُ في أيِّ مَكَان.

كيفَ يقطَعُ العبدُ صلتَهُ باللهِ واستعانتَهُ بمولاه ، وهُوَ يعلَمُ ألاَّ حولَ ولا قوَّةَ له إلاَّ بالله ؟

كيفَ يفتَرُ العبدُ عن الدُّعاءِ وهُوَ أفضلُ العبادة ، وربُّهُ يقولُ : " أُجِيبُ دعوةَ الدَّاعِ إذا دَعَانِ " ؟ ولَم يقُل في رمضانَ فَقَط ، بل في رمضانَ وغيرِه.

الصِّيــــَام :

أما الصِّيَامُ أيُّها الأحبَّة ، الصِّيَامُ وَمَا أدرَاكَ ما الصِّيَام ، العبادةُ التي اختصَّهَا اللهُ لنفسِهِ فقال : " إلاَّ الصَّومَ فإنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِه " ، فلا يعلَمُ جزاءَ الصائمينَ إلاَّ الله ، وإنْ غَفَرَ لهم ما تقدَّمَ من الذُّنوب ، وإنْ اختُصُّوا بالدُّخولِ للجنَّةِ من بابِ الريَّانِ، وإنْ باعَدَ اللهُ بينَهُم وبينَ النَّارِ سبعينَ خريفاً ، وإنْ جاءَ الصِّيامُ شفيعاً لأصحابِهِ يومَ القيامَةِ ، فإنَّ هذِهِ وغيرَهَا مِن ثَمَراتِ الصِّيَامِ ، أمَّا جَزَاءُ الصَّائمِينَ فَلاَ يَعلَمُ بِهِ إلاَّ الله ، لاَ يعلَمَهُ إلاَّ الله !

قال ابنُ حَجَر : المُرادُ بقولِهِ وأنا أجزِي بِه ، أي أنِّي أنفَرِدُ بِعِلمِ مِقدَارِ ثَوَابِهِ وَتَضعيفِ حَسَنَاتِه . انتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ الله .

وقال المناوِيُّ : وأنا أجْزِي بِهِ إشارةٌ إلى عِظَمِ الجَزَاءِ عَليه وكَثرَةِ الثَّوابِ ، لأنَّ الكَريمَ إذا أَخْبَرَ أنَّهُ يُعطِي العَطَاءَ بِلاَ واسِطَة ، اقتَضَى سُرعَةَ العَطَاءِ وَشَرَفِه . انتهى كلامُهُ رحمَهُ الله .

كلُّ هَذِهِ الفَضَائِلِ للصَّومِ وَهِيَ أُخرَوَيَّة ، فما بالُكَ بثمراتِهِ وفوائدِهِ الدُّنيويَّة ، ومَعَ ذلكَ فإنَّ بعضَ النَّاسِ وخاصَّةً من الصَّالحينَ والصَّالِحَاتِ لا يعرِفُ الصِّيامَ إلاَّ في رمَضَان ، يعتذِرُ لنَفْسِهِ تارَةً بالعَمَلِ وتارةً بالتَعَبِ وتارةً بشدَّةِ الحَرِّ وهكذا تمضِي الأيَّامُ فإذا برمضَان الآخَرِ أتى ، وهكذا تذهَبُ الأيَّامُ وتفنى الأعمَارُ .

أخي الحَبيبُ ، صُمْتَ شَهراً كاملاً متتابِعَاً ، فَهَل تَعجَزُ عن صِيَامِ ثلاثِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ أو يومَي الاثنينِ والخَميسِ ؟!

فاتَّقِ اللهَ وكُن حازِمَاً مَعَ نفسِكَ عارِفاً حيَلَهَا .

إنَّ بعضَ النَّاسِ كلَّمَا همَّ أن يسمُو إلى المعَالِي خَتَمَ الشيطانُ على قلبِه : عليكَ ليلٌ طويلٌ فارقُد ! وكلَّما سعى في إقالةِ عثرتِهِ والارتقاءِ بهمَّتِهِ عاجلتهُ جيوشُ التَّسويفِ والبطالةِ والتمنِّي ، ودَعْثَرَتْهُ ونادتْهُ نفسُهُ الأمَّارةُ بالسُّوءِ : أنتَ أكبَرُ أمِ الوَاقِع ؟!

قال ابنُ القيِّمِ واسمَع إلى هَذِهِ الكلمَةِ الجميلَةِ : والنَّفْسُ كلَّمَا وسَّعْتَ عليهَا ، ضيَّقْتَ على القَلْبِ حتَّى تَصيرُ معيشتُهُ ضَنكَاً ، وكلَّمَا ضيَّقْتَ عليهَا وسَّعْتَ على القَلبِ حتى ينشَرِحَ ويَنفَسِح . انتهى كلامُهُ رحمَهُ الله .

ورمضانُ يشهدُ بهذا ، وما كنَّا نشعرُ بهِ من رقَّةِ القَلبِ واتَّصالِهِ بالله سبحانَهُ وتَعَالى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.kate3.com
اسامه محمد عبد الرحمن


رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Default6
اسامه محمد عبد الرحمن


ذكر عدد الرسائل : 683
العمر : 43
الموقع : amkh333@hotmail.com
العمل/الترفيه : بذل الخير للناس
الوسام : رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Member
تاريخ التسجيل : 04/10/2008

رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضانُ و الرَّحيلُ المُر   رمضانُ و الرَّحيلُ المُر I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 30, 2008 8:51 am

المرأةُ بعدَ رمَضَان :

أما أنتِ أيَّتُها المَرأةُ ، فالكلامُ للرِّجَالِ هُوَ لكِ أَيضاً ، وإنْ كُنتُ أَعجَبُ من حِرصِكِ في رَمَضَان على التَّراوِيحِ ، وقراءَةِ القُرآنِ وقيَامِ الَّليلِ ، أَسْأَلُ الله‍َ عزَّ وجلَّ أنْ يَقْبَلَ منَّا ومنكِ ، ولكنِّي أقولُ : ما بالُنَا إذا طَلَبنَا منكِ هذِهِ الأمورَ في غيرِ رَمَضَان ، اعتذَرْتِ بالأَولادِ وأعمالِ المنزلِ وغيرِها من الأعذارِ ، معَ أنَّ كلَّ هذِهِ الأعذارِ لم تتغيرْ في رمضان ، فالأولادُ هُمُ الأولادُ وأعمالُ المنزلِ هيَ أعمالُ المنزلِ ، بل رُبَّما أكثرَ في رمضان ، فما الَّذي يجعلُكِ تحرصِينَ على القِيَامِ وقراءةِ القُرآنِ والصَّلاةِ في وقتِهَا والصِّيامِ في رَمَضَان وينقَطِعُ كُلُّ هذا في غيرِ رَمَضَان ؟!

وتتعذَّرينَ بكَثْرَةِ الأعذارِ إذَا طَلَبْنَا مِنْكِ ذلِكَ في غيرِ رَمَضَان .

هَذَا حالُ النِّساءِ وحالِ الرِّجَالِ كَمَا أسْلَفْتُ ، في هذِهِ الأيَّامِ القَصِيرةِ الَّتي مَضَتْ بَعدَ رَحِيلِ رَمَضَان .

فما هُوَ سِرِّ نَشَاطِنَا في رَمَضَان ؟ و ما هُوَ سِرُّ فتورِنَا وَرُبَّمَا انقطَاعِنَا في غيرِهِ أيُّهَا الأحبَّةِ ؟

سألتُ هَذَا السُّؤالَ واستَنطَقْتُ الأفواهَ لمعرِفَةِ السِّر ، قالوا : رمضانُ لهُ شعورٌ غريبٌ ولَذَّةٌ خاصَّةٌ . قلتُ : لماذا لهُ هذا الشعورُ وهذهِ الَّلذة ؟ قالوا : لأنَّ النَّاسَ من حولِكَ كُلُّهُم صائِمُونَ وقائِمُونَ ومتصدِّقُونَ ، وقارئِونَ ومستغفِرُونَ . قلتُ : أحسَنتُم ، إذَنْ فالسِّرُّ صلاحُ المجتمَعِ مِن حولِنا ، والمجتمعُ هُوَ نحنَ هؤلاءِ الأفرَادِ ، أنا وزوجَتي وأولادِي وأبي وأمِّي وإخوَاني وأخَوَاتي ، فلماذا لا يصلحُ هؤلاءِ الأفرادِ ؟ لماذا لا نُربِّي في أنفُسِهِم استمرَارَ الطَّاعَةِ ومراقبةِ الله ؟ لماذا لا نشجِّعُهُم على صيامِ التَّطوِّعِ وصلاةِ الَّليلِ وقراءةِ القُرآنِ ؟

فنصومُ البيضَ مثلاً ، ونجتمعُ على الإفطار ، ونوقظُ بعضَنَا ونجتمعُ على القِيَامِ ولو لِوَقْتٍ يسيرٍ ، ونخصِّصُ ساعاتٍ نجلسُ لقراءةِ القُرآنِ ، وهَكَذَا في سائِرِ الأعمَالِ .

هُنا ، ألا تَشعُرُونَ أنَّ السَّنَةَ أصْبَحَتْ كُلَّها رَمَضَان ؟ وأنَّ المُجتَمَعَ يُشَجِّعُ بعضَهُ بعضَاً ؟

وَلَيسَ مَعنى هَذَا أَنْ نَكُونَ كَمَا نحنُ في رَمَضَان ، مَعَ أنَّنَا نتمنَّى هَذَا ، مِنَ الاجتِهَادِ والحِرْصِ على الخَيراتِ ، فالنَّفْسُ لا تُطِيقُ ذلِكَ ، ورمَضَانَ لَهُ فَضَائِلُ وخَصَائِصُ ، و لكنَّنا نقولُ : لا للانقِطَاعِ عنِ الأعمالِ الصَّالِحَة ، فلنحرِصْ ولَو عَلَى القَلِيلِ مِن صِيَامِ النَّفلِ ، ولنُدَاوِمْ وَلَو على القَلِيل مِن القِيَامِ ، ولنَقْرَأْ كُلَّ يومٍ ولو القَليلَ مِن القرآنِ ، ولنَتَصَدَّ‍قْ ولَو بالقَليلِ مِنَ المَالِ والطَّعَامِ ، وهَكَذَا في سَائِرِ الأعمَالِ ، ولنُحِيي بُيُوتَنَا ولنُشَجِّعْ أولادَنا وأزواجَنَا .

وفي الحديثِ الصَّحيحِ المُتفَّقِ عليهِ قال فيه النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلَّمَ : " أَحَبُّ الأعمَالِ إلى الله أَدْوَمُهَا وَإِن قَلَّ " .

وقَد كَانَ عَمَلُهُ صَلَّى الله عليه وعلى آلِهِ وسَلَّمَ دِيمَةً ، كَمَا كانَتْ تقولُ عائشةُ رضي اللهُ تعالى عَنهَا

فَهَلْ تَعَلَّمْنَا مِن رَمَضَانَ الصَّبرَ والمُصَابَرَةَ على الطَّاعَةِ وعَن المَعصِيَةِ ، وهَل عوَّدْنَا أَنْفَسَنَا عَلَى المُجَاهَدَةِ لِلْهَوَى والشَّهَوَاتِ ؟ هَلْ حَصَّلْنَا التَّقوَى الَّتِي هِيَ ثَمَرَةُ الصِّيَامِ الكُبرَى ، واستَمَرَّتْ مَعَنَا حَتَّى بَعدَ رَمَضَان ؟ فَإِنَّ الصِّلَةَ بالله وخوفَ الله هِيَ السِّرُّ في حياةِ الصَّالحينَ والصَّالحَاتِ .

أيُّها المُحِب ! إيَّاكَ والعُجْبَ والغُرورَ بعدَ رَمَضَان !

رُبَّمَا حَدَّثتكَ نَفسُكَ أنَّ لَدَيكَ الآنَ رَصيدٌ كبيرٌ من الحَسَنَاتِ كأَمثَالِ جِبَالِ تِهَامَة ! أَو أَنَّ ذُنُوبَكَ غُفِرَت فَرَجَعْتَ كَيَومِ وَلَدَتْكَ أُمَّك ! فَمَا يَزَالُ الشَّيطَانُ يُغرِيكَ والنَّفسُ تُلهيكَ ، حتَّى تُكثِرَ منَ المَعَاصِي والذُّنُوبِ ، ورُبَّمَا تُعجِبُكَ نَفسُكَ ومَا قَدَّمَتْهُ خِلاَلَ رَمَضَانَ ، فَإيَّاكَ إيَّاكَ والإدَلالَ على اللهِ بالعَمَل ، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقول : " وَلا تَمنُنْ تَستَكْثِرْ " ، فَلا تَمُنَّ على اللهِ بِمَا قَدَّمتَ وَعمَلْتَ ، فما الَّذي يُدرِيكَ أنَّ أعمَالَكَ قُبِلَتْ ، وَهَل قَدَّمتَهَا كَمَا يَنبَغِي ، وَهَل كَانَت للهِ أم لاَ !

أَلَمْ تَسْمَعْ لِقَولِ الحَقِّ عَزَّ وجَلَّ : " وَبَدَا لَهُم مِنَ الله مَا لمَ يَكُونُوا يَحتَسِبُونَ " ، فاحَذَرْ مُفسِدَاتِ الأعمَالِ الخَفِيَّةِ نَعُوذُ بالله من الشِّقَاقِ والنِّفَاقِ والرِّيَاءِ ومَسَاوِئ الأخْـلاَقِ .

أيُّهَا الإِخوَةُ والأَخَوات ، إنَّ مَن خَالَطَ الإيمانُ بَشَاشَةَ قَلبِهِ ، لا يُمكِن أَن يَهجُرَ الطَّاعَاتِ ، كيفَ وقَد ذَاقَ حلاوتَها وطَعْمَهَا ، وشَعَرَ بأُنسِهَا ولَذَّتِهَا في رَمَضَان ؟

إنَّ هِرَقلَ لمَّا سألَ أبا سُفيَانَ عن المُسلمينَ ، أيَرجِعُونَ عن دينِهِم أم لا ، قالَ أبو سُفيان : لا ، قالَ هرَقلُ : وكذَلِكَ الإيمانُ إذا خَالَطَ بشَاشَتُهُ القُلُوبَ .

إنَّ هِرَقلَ يَعلَمُ أنَّ مَن ذَاقَ حَلاوَةَ الإيمانِ وعَرَفَ طَعمَهُ لا يُمكِنُ أن يَرجِعَ عَن دينِهِ أبداً مهما فُعِلَ به .

طعمُ الإيمان ، لذَّةُ الطَّاعةِ هي السِّرُّ في الاستِمرَارِ وعَدَمِ الانقِطَاعِ ، نَعَم ، يَفتَرُ المُسلِمُ ويتراخَى ، ويمُرُّ به ضَعفٌ وكَسَل ، خاصَّةً بعد عَمَلٍ قَامَ به ونَشِط ، وذلك مِصدَاقُ حديثِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ : " إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شَرَّة ، والشَّرَّةُ إلى فَتْرَة ، فَمَن كانت فَترَتُهُ إلى سُنَّتِي فَقَد اهتَدَى ، وَمَن كانَت فَترَتُهُ إلى غيرِ ذَلِكَ فَقَد ضَّل ". والحديثُ أخرجَهُ أحمد في مُسنَدِهِ وهو صَحيحٌ وإسنادُهُ صحيحٌ ، وقد صحَّحَهُ الألبَانيُّ كما في الصَّحيحَةِ ، وقال الهيثَمِيُّ عنه : رواه البزَّارُ ورجالُهُ رجالُ الصَّحيحِ ، وأيضاً أُخرِجَ من وجوهٍ كما في التِّرمذِيِّ ، وقد قال عنه التِّرمِذِيُّ حَسَن صحيحٌ غريبٌ مِن هذا الوَجْهِ ، كمَا في صحيحِ الجامعِ للألبِانِيِّ .

إذن فالمُسلِمُ يَفتَرُ ويضعَفُ لكنَّهُ لا ينقَطِعُ ، واسمَعْ لِهذا الكلامِ الجميلِ أيضاً لابنِ القيِّمِ رحمهُ الله : " تَخَلُّلُ الفَتَراتِ – أي الفَتْرَةِ والكَسَلِ - للسَّالكِينَ أمرٌ لا بُدَّ مِنهُ ، فَمَن كَانَتْ فَترَتُهُ إلى مُقارَبَةٍ وتَسدِيدٍ ، ولَم تُخرِجُهُ مِن فَرْضٍ ، ولَم تُدْخِلُهُ في مُحرَّمٍ ، رُجِيَ لَهُ أن يعودَ خيراً مِمَّا كَانَ " . انتهَى كلامُهُ رحمَهُ الله .

فَلَعَلَّنَا أيُّهَا الأحبَّةِ ، نُقارِنُ بينَ حالِنَا في رَمَضَان بعدَ سَمَاعِ هذا الكَلامِ وبينَ حالِنَا خِلالَ هذِهِ الأيَّامِ ، لِنشعُرَ بما فقدناهُ من اللَّذةِ والطَّاعةِ وحلاوةِ الإيمانِ ، واللهُ المُستَعَان


هَمسةٌ لِصُنَّاعِ الحَيَاةِ
يا صُنَّاعَ الحياةِ ، يا دُعَاةَ الهُدَى ، ويا دُلاَّلَ الخَير ، رمضانُ كَشَفَ عن الخَيرِ في نُفُوسِ النَّاسِ مَهمَا تَلَطَّخَ بعضُهُم بالمعَاصِي والسَيِّئَاتِ ، حتَّى الفَاسِقُ ، فَكَم مِنَ المَرَّاتِ رَأَينَاهُ انتَصَرَ عَلَى نَفسِهِ فَتَخَطَّى عَتَبَةَ المسجِدِ لِيَركَعَ مَعَ الرَّاكعينَ في صلاةِ التَّراويحِ والقيامِ ، أَيْ والله ، رأَينا مِمَّنْ ظَاهرُهُم الفِسْقُ ، رأينَاهُم يركعُونَ ويسجُدُونَ ، ورُبَّمَا تدمَعُ عيونَهُم ويبكُونَ، وقد يُصَلُّونَ ساعاتٍ طويلةً مَعَ المسلمينَ في آخِرِ الَّليلِ ، هذِهِ دلالاتٌ عَلَى فِطْرَةِ الخَيرِ في نُفُوسِ النَّاسِ ، لَكِن أينَ مَن يُحسِنُ التَّعامُلَ مَعَهُم ؟

نَعَم يا شَبَابَ الصَّحوَةِ ، نَعَم يا دُعَاةَ الخَير ، كأنِّي برمضَانَ يصرخُ فينَا هَذَا العامِ فيقُولُ : إنَّ الدَّعوةَ إلى الله فنٌّ وأخلاقٌ ، فيا لَيْتَ شِعرِي مَن يُجيدُ هذا الفَن ؟! وَمَن يتمثَّلُ هَذِهِ الأَخلاقَ ؟!فلمَاذا نعتَذِرُ بصدُودِ النَّاسِ وغفلَتِهِم ، لنُبَرِّرَ فتورَنا وعَجْزَنا وكَسَلَنا ، ولكنِّي لا أقولُ إلاَّ : الَّلهُمَّ إنَّا نشكُو إليكَ جَلَدَ الفَاسِقِ وعَجْزَ الثِّقَة !

فَكَم منَ الثِّقَاتِ استجَابُوا لخمُولِهِم وكَسَلِهِم ، إنَّا لله وإنَّا إليهِ راجِعُونَ .



رَمَضَانُ والعيدُ
انتهَتْ أيَّامُ العيدِ أيُّهَا الأحبَّة ، وللعيدِ فقهٌ يجهلُهُ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ ، حتَّى مِنَ الصَّالحِينَ .

فعيدُ رَمَضَان ، عيدُ الفِطْرِ ، يومُ فَرَحٍ وحُزنٍ مَعَاً ، فَرَحٌ بتوفِيقِ اللهِ لَنَا بإِكمالِ شهرِنا وإتمامِ صيامِنَا ، وليسَ فَرَحَاً بإنهاءِ الصِّيَامِ وخروجِ رمضانَ كما يَظُنُّ بعضُ النَّاسِ .

ويومُ العيدِ يومُ حُزنٍ أيضاً ، عَلَى فِراقِ رَمَضَانَ ، وأيَّامِهِ الغُرِّ ولياليهِ الزَّاهِرَةِ ، ولكن مَن يُتقِنُ فَنَّ الحُزنِ والفَرَحِ مَعَاً ؟ فكَيفَ كان عيدُنَا الَّذي مَضَى ؟

بعضُ النَّاسِ رُبَّمَا قادتهُ فرحتُهُ بالعِيدِ إِلَى المَعصِيَةِ والغَفلَةِ والبُعدِ عَنِ الله عَزَّ وجَلَّ ، فَلَيسَ العِيدُ لِمَن لَبَسَ الجَديدُ ، إنِّمَا العيدُ لِمَن إيمانُهُ يَزيدُ ، وخَافَ يومَ الوعيدِ واتَّقَى ذا العَرشِ المَجِيدِ .

وهَل تعلمونَ أيُّها الأحبَّة ، أنَّ العيدَ يحزَن ؟ نعم ، خاصَّةً إذا جاءَ هلالُ العِيدِ في مِثْلِ هَذَا الوَاقِعِ المَريرِ لِلأُمَّةِ .

فمَتَى يحزَنُ العيدُ ؟ يحزَنُ العيدُ عندَمَا نلبَسُ الجَديدَ ، ونأكُلُ الثَّريدَ ونطلُبُ المزيدَ ونقولُ لبعضِنَا : عيدٌ سعيدٌ! وإخوانٌ لنا عراةٌ في الجَليدِ ، ودماءٌ وجروحٌ وصديدٌ ، طفلٌ شريدٌ ، وأبٌ فقيدٌ وأمٌّ تئِنُّ تحتَ فاجرٍ عَنِيد ، صراخٌ وتهديدٌ ووعيدٌ ، ونحنُ نقولُ لبعضِنَا : عيدٌ سعيدٌ ! ولسانُ حالِهِم يقولُ : لماذا جِئتَ يا عيدُ !



أَقْبَلْتَ يا عيدُ والأحزانُ أحزانُ ............... وفي ضميرِ القوافِي ثَارَ بُركَانُ

أَقْبَلْتَ يا عيدُ والظلماءُ كاشفةٌ ............. عن رأسِهَا وفؤادُ البَدْرِ حيرانُ

أَقْبَلْتَ يا عيدُ والأحزانُ نائمةٌ ................ على فِرَاشِي وطَرْفُ الشَّوقِ سَهرَانُ

مِن أَينَ نَفْرَحُ يَا عيدَ الجِرَاحِ وفِي ........... قلوبِنا مِن صُنُوفِ الهَمِّ ألوانُ

مِن أَينَ نَفْرَحُ والأحداثُ عاصفةٌ ............... ولِلدُّمى مُقَلٌ ترنُو وآذَانُ

مِن أَيْنَ والمَسجِدُ الأَقْصَى محطَّمَةٌ .............. آمالُهُ وفؤادُ القُدْسِ وَلهَانُ

مِن أَينَ نفرحُ يا عيدَ الجِرَاحِ وفِي ........... دُرُوبِنا جُدُرٌ قَامَت و كُثبَانُ

مِن أَينَ والأمَّةُ الغرَّاءُ نائِمَةٌ .................. على سَريرِ الهَوَى والَّليلُ نَشْوانُ

مِنْ أَينَ والذُّلُّ يبني ألفَ مُنتَجَعٍ ........... في أَرْضِ عِزَّتِنَا والرِّبْحُ خُسْرَانُ

مِن أَينَ نَفْرَحُ والأحبابُ ما اقتَرَبُوا ......... مِنَّا ولا أَصْبَحُوا فِينَا كَمَا كَانُوا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.kate3.com
اسامه محمد عبد الرحمن


رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Default6
اسامه محمد عبد الرحمن


ذكر عدد الرسائل : 683
العمر : 43
الموقع : amkh333@hotmail.com
العمل/الترفيه : بذل الخير للناس
الوسام : رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Member
تاريخ التسجيل : 04/10/2008

رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضانُ و الرَّحيلُ المُر   رمضانُ و الرَّحيلُ المُر I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 30, 2008 8:51 am

كَيفَ حَالُ إخوانِنَا أيُّها الأحبَّة في هَذَا العِيدِ الَّذِي مَضَى ، يا تُرى ما هُوَ شُعورُهُم وكَيفَ كَانَت فَرحَتُهُم بالعيدِ ؟ هَل كانُوا يَلبَسُونَ الجَديدَ ؟ هل كانُوا يجلِسُونَ مَعَ الآبَاءِ والأمَّهَاتِ ؟ هَل كانَتِ الأزْواجُ تجلِسُ وتَفْرَحُ بالهَدَايَا مِنَ الأزْوَاجِ ؟

لعلَّنَا نَكْتَفِي بمشَاعِرِ هَذِهِ الطِّفلَةِ المُتَشَرِّدَةِ وهِيَ تُخَاطِبُ هِلالَ العِيدِ وتَتَمَنَّى أنَّهُ لم يأتِ فتقولُ لَه :

غِبْ يا هِلالْ

إنِّي أخافُ عليكَ مِنْ قَهْرِ الرِّجَالْ

قِفْ مِن وَرَاءِ الغَيْمِ لا تَنشُرْ ضَيَاءَكَ فَوقَ أَعنَاقِ التِّلالْ

غِبْ يَا هِلالْ

إنِّي لأَخْشَى أَنْ يُصَيبَكَ حينَ تَلْمَحُنَا الخَبَالْ

أَنَا يَا هِلالْ .. أَنَا طِفْلَةٌ عَرَبِيَّةٌ فَارَقْتُ أُسْرَتَنَا الكَرِيمَةْ

لِي قِصَّةٌ دَمَوِيَّةُ الأَحْدَاثِ بَاكِيَةٌ أَلِيمَةْ

أَنَا يَا هِلالْ .. أَنَا مِن ضَحَايَا الاحتِلالْ

أَنَا مَنْ وُلِدْتُ وَفِي فَمِي ثَدْيُ الهَزِيمَةْ

شَاهَدْتُ يَومَاً عِنْدَ مَنزِلِنَا كَتِيبَةْ

فِي يَومِهَا كَانَ الظَّلامُ مُكَدَّسَاً مِن حَولِ قَرْيَتِنَا الحَبِيبَةْ

فِي يَومِهَا سَاقَ الجُنودُ أبِي وفِي عَينَيهِ أَنهارٌ حَبيسَةْ

و تجَمَّعَتْ تِلكَ الذِّئابُ الغُبْرُ فِي طَلَبِ الفَريسَةْ

ورَأَيْتُ جُندِيَّاً يُحَاصِرُ جِسْمَ وَالِدَتِي بِنَظْرَتِهِ المُرِيبَةْ

مَا زِلْتُ أَسْمَعُ يَا هِلالْ .. مَا زِلْتُ أَسْمَعُ صَوتَ أُمِّي وَهيَ تَستَجْدِي العُرُوبَةْ

ما زِلْتُ أُبْصِرُ خِنْصَ خِنجَرِهَا الكَرِيم .. صَانَتْ بِهِ الشَّرَفَ العَظِيمْ

مِسكِينَةٌ أُمِّي فَقَدْ مَاتَتْ وَمَا عَلِمَتْ بِمَوتَتِهَا العُرُوبَةْ

إنِّي لأَعْجَبُ يَا هِلالْ !

يترنَّمُ المِذْيَاعُ مِن طَرَبٍ وَيَنتَعِشُ القَدَحْ

وتَهِيجُ مُوسِيقَى المَرَحْ

والمُطرِبُونَ يُرَدِّدُونَ عَلَى مَسَامِعِنَا تَرَانِيمَ الفَرَحْ

وبَرَامِجُ التِّلْفَازِ تَعْرِضُ لَوحَةً للتِّهْنِئَةْ :

" عيدٌ سعيدٌ يا صِغَارْ " !

والطِّفلُ في لُبنانَ يَجهَلُ مَنْشَأَهْ

وبَرَاعِمُ الأَقْصَى عَرَايَا جَائِعُونَ

والَّلاجِئُونَ يُصَارِعُونَ الأَوْبِئَةْ !

غِبْ يَا هِلالْ

قالُوا سُتْجُلُبُ نَحْوَنَا العِيدَ السَّعيدْ

عيدٌ سَعيدْ ؟!

والأرضُ مَا زَالَتْ مُبَلَّلةَ الثَّرَى بِدَمِ الشَّهِيدْ

والحَرْبُ مَلَّتْ نَفْسَهَا وَتَقَزَّزَتْ مِمَّنْ تُبِيدْ

عيدٌ سعيدٌ في قُصُورِ المُترَفِينْ

عيدٌ شقيٌّ في خِيَامِ الَّلاجِئِينْ

هَرِمَتْ خُطَانَا يا هِلالْ

وَمَدَى السَّعَادَةِ لَم يَزَلْ عَنَّا بَعِيدْ

غِبْ يَا هِلالْ .. لا تأتِ بالعِيدِ السَّعيدِ مَعَ الأَنِينْ

أَنَا لا أُريدُ العِيدَ مَقْطُوعَ الوَتِينْ

أتَظُنُّ أنَّ العِيدَ فِي حَلْوى وأَثْوَابٍ جَدِيدَةْ ؟

أتَظُنُّ أنَّ العِيدَ تهنئةٌ تُسطَّرُ فِي جَريدَةْ ؟

غِبْ يا هِلالْ

واطلُعْ عَلَينَا حِينَ يَبْتَسِمُ الزَّمَنْ

وتَمُوتُ نِيرَانُ الفِتَنْ

اطلُعْ عَلَينا حِينَ يُورِقُ بابتِسَامَتِنَا المَسَاءْ

ويذوبُ في طُرُقَاتِنَا ثَلْجُ الشِّتَاءْ

اطلُعْ عَلَينَا بالشَّذَى .. بالعِزِّ بالنَصْرِ المُبينْ

اطلُعْ عَلَينَا بالْتِئَامِ الشَّمْلِ بَيْنَ المُسلِمِينْ

هَذَا هُوَ العِيْدُ السَّعيدْ

وسواهُ لَيْسَ لَنَا بِعِيْدْ

غِبْ يا هِلالْ

حتَّى تَرَى رَايَاتِ أُمَّتِنَا تُرَفْرِفُ فِي شَمَمْ

فُهناكَ عِيدٌ .. أيُّ عِيدْ ..

وهُناكَ يَبتَسِمُ الشَّقِيُّ مَعَ السَّعِيدْ



الَّلهُمَّ ارحَمِ المُستَضْعَفينَ المُسلِمِينَ في كُلِّ مَكَان ، الَّلهُمَّ كُنْ نَاصِرَاً لَهُمْ يَوْمَ تَخَلَّى عَنْهُمُ النَّاصِرُ ، وكُنْ مُعِينَاً لَهُم يَومَ تَخَلَّى عَنْهُمُ المُعينُ ، الَّلهم ارحمِ الأطفالَ اليَتَامى والنِّساءَ الثَّكَالَى ، وذِي الشَّيبَةِ الكَبِير .

وهَذِهِ صُورَةُ مُودِّعٍ أيُّها الأَحِبَّة وهُوَ يُودِّعُ رَمَضَانَ في آخِرِ لَيلَةٍ مِنه ، مودِّعٌ مَفجُوعٌ يُراقِبُ بِعَينَيهِ رَحِيلَ الحَبِيبَ وقَدْ تَلاشَى خَيَالُهُ مِن بَعِيد ، يَصْرُخُ فيقُولُ :

شهرُ رَمَضَان ، وأينَ هو شهرُ رمضَانُ ؟ أَلَم يَكُن مُنذُ أيَّامٍ بينَ أيدِينَا ؟ أَلَم يَكُن مِلَء أسماعِنَا ومِلَء أبصَارِنَا ؟ أَلَم يَكُن هُوَ حَديثُ مَنَابِرِنَا ؟ أَلَم يَكُن هُوَ زِينَةُ مَنَائِرِنَا ؟ أَلَم يَكُن هُو بِضَاعَةُ أَسواقِنَا ومادَّةُ مَوَائِدِنَا وحياةُ مَسَاجِدِنَا ؟ فَأينَ هُوَ الآن ؟ ارتَحَلَ وخلَّفَنَا كَسِيرةً أنفُسُنا دامعةً أعيُنُنا!

ثُمَّ أَخَذَ ينوحُ فيقولُ :

أيْ شَهْرَنَا الكَريم ! أيْ شَهرنَا الكَريم وموسِمَ خيرِنَا الوَسِيم ، أيْ شَهْرَ المَكْرُمَاتِ انجَابَتْ فِيكَ الظُّلُمَاتُ وتَضَاعَفَتْ فِيكَ الحَسَنَاتُ ، وفُتِحَتْ أبوابُ السَّمَوَاتُ ، فآهٍ ثُمَّ آهٍ عَلَى الفِرَاق !

أيْ شَهرنَا الَّذِي هَيَّمَ نُفوسَنَا ، وخَرَّقَ قُلُوبَنا ، وأَدْمَعَ عُيُونَنَا !

ثُمَّ أَجْهَشَّ بالبُكَاءِ وَفَاضَت عيناهُ بالدِّمُوعِ .

فَقُلتُ : سُبحَانَ الله ، لِكُلِّ مُحِبٍّ حَبيبً ، ورَمَضَان حبَيبُ الصَّالحِين ..

تَذَكَّرْتُ أيَّامَاً مَضَتْ وَلَيَالِيَا ........... خَلَتْ فَجَرَتْ مِن ذِكْرِهِنَّ دُمُوعُ

أَلا هَل لَّهَا يومٌ مِنَ الدَّهْرِ عَودَةٌ ........ وَهَل لِي إِلى يَومِ الوِصَالِ رُجُوعُ

وَهَلْ بَعْدَ إِعْرَاضِ الحَبيبِ تَوَاصُلٌ ..... وَهَل لِبُدُورٍ قَدْ أَفَلْنَ طُلُوعُ ؟!



أيُّهَا المُسلمونَ ، بعدَ شهرِكُم فَأكثِرُوا مِنَ الاستِغفَارِ فَإنَّهُ خِتَامُ الأعمَالِ الصَّالحَةِ ، فَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بِن عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى الأَمْصَارِ يَأمُرُهُم بِخَتْمِ رَمَضَانَ بالاستِغْفَارْ .

ويُروى عَن أبِي هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنهُ أنَّهُ قَالَ : الغِيْبَةُ تُخَرِّقُ الصِّيَامَ ، والاستِغفَارُ يُرَقِّعُهُ ، فَمَن استطَاعَ مِنكُم أَن يَجِيءَ بِصَومٍ مُرَقَّعٍ فَلْيَفْعَلْ .

أَكْثِرُوا مِنَ الشُّكرِ لله ، فإنَّ اللهَ قَالَ في آخِرِ آيةِ الصِّيامِ : " وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " وقَالَ : لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ " وَقَالَ : "سَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ " ، فَاشْكُرُوا اللهَ عَلَى إِتمَامِ رَمَضَانَ وَعَلَى حُسنِ الصَّلاةِ والقِيَامِ ، وعَلَى الصَّحةِ والعَافِيةِ في الأبدَانِ ، ولَيسَ الشُّكْرُ بالِّلسَانِ أيُّهَا الأحِبَّة وإنِّمَا هُوَ بالأقْوَالِ والأَعْمَالِ مَعَاً فَهَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إلا الإحْسَان .

سَلامٌ مِنَ الرَّحمنِ كُلَّ أَوَانِ ............... عَلَى خَيرِ شَهْرٍ قَدْ مَضَى وَزَمَانِ

سَلامٌ عَلَى شَهْرِ الصِّيامِ فَإنَّهُ ............ أَمَانٌ مِنَ الرَّحمنِ أيُّ أَمَانِ

تَرَحَّلْتَ يَا شَهْرَ الصِّيَامِ بِصَومِنَا ........ وَقَد كُنتَ أَنوَارَاً بِكُلِّ مَكَانِ

لَئِنْ فَنِيَتْ أَيَّامُكَ الزُّهْرُ بَغْتَةً .......... فَمَا الحُزْنُ مِن قَلْبِي عَلَيكَ بِفَانِ

عَلَيكَ سَلامُ اللهِ كُن شَاهِدَاً لَنَا .......... بِخَيرٍ رَعَاكَ اللهُ مِن رَمَضَانِ



رمضانُ كانَ نهارُكَ صَدَقَةً وصِيَامَاً ، وليلُكَ قراءةً وقِيَامَاً ، فإليكَ مِنَّا تحيَّةً وسَلامَاً ، أَتُرَاكَ تَعُودُ بَعْدَهَا عَلَينا ، أَو يُدْرِكُنَا المنونُ فلا تؤولُ إلَينَا ، رَمَضَانُ سوقٌ قَامَ ثُمَّ انفَضَّ ، رَبِحَ فيهِ مَن رَبِحَ وخَسِرَ فيكَ مَن خَسِر .

هاهُو شهرُ رمَضَان ، رَحَلَ عَنَّا بعدَ أَن انقضَتْ أيَّامُهُ وتَصَرَّمَتْ لَيَاليه ، ولِسَانُ حالِ الصَّائِمِ مِنَّا يقولُ :

فَيَا شَهْرَ الصِّيَامِ فَدَتْكَ نَفْسِي ........ تَمَهَّلْ بالرَّحيلِ والانتِقَالِ

فَمَا أَدْرِي إِذَا مَا الحولُ وَلَّى ................ وعُدتَ بقَابِلٍ فِي خَيرِ حَالِ

أتَلْقَانِي مَعَ الأَحيَاءِ حَيَّاً ................... أَو انَّكَ تَلقَنِي في الَّلحْدِ بَالِي



أيُّهاَ الأحبَّة ، هَذِهِ مشاعرُ وتَوجِيهات ، عَن رَحيلِ رمَضَان ، قصدتُ تأخيرَهَا بعدَ رَمَضَان بأيَّامٍ لِنَرَى ونَشْعُرَ بالفَرْقِ بَينَ حَالِنَا في رَمَضَان وحالِنَا هَذِهِ الأيَّام ، عَلَى قِلَّتِهَا فَكَيفَ يَا تُرَى بِحَالِنَا بعدَ شَهرٍ وشَهَرَينِ وَأَكثَرَ ؟!

والعَاقِلُ الَّلبيبُ مَن جَعَلَ رَمَضَان مَدْرَسَةٌ لبَقِيَّةِ الشُّهُورِ ،

رُغمَ أَنَّني أُؤكِّدُ وَأُكَرِّرُ أنَّنَا لا نُطَالبَ النُّفُوسَ أَنْ تَكُونَ كَمَا هِيَ في رَمَضَان ، وَلَكِنَّنا نُطَالِبُها بالاستِمرَارِ والمُدَاوَمَةِ عَلَى الطَّاعَاتِ والوَاجِبَاتِ ، وَتَذَكُّرِ الله وخَوفِ الله والصِّلَةِ به ، وَلَو كَانَت هَذِهِ الطَّاعَاتُ قَليلَةً فَقلِيلٌ دَائِمٌ خَيرٌ مِن كَثيرٍ مُنقَطِعْ .

الَّلهُمَّ يَا حَيُّ يا قَيُّومُ إن كَانَ بِسابقِ علمِكَ أنْ تجمَعَنَا في مِثْلِ هَذَا الشَّهرِ المُبارَكِ فَلتَجْمَعَنَا فِيهِ يَا حَيُّ يَا قَيَّوم ، وَإنْ قَضَيتَ بِقَطْعِ آَجَالِنَا وَمَا يَحُولُ بَينَنَا وَبَينَهُ فَأَحْسِنْ الخِلافَةَ على باقِينَا وأَوْسِعِ الرَّحمَةَ عَلَى مَاضِينَا .

الَّلهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا رَمَضَانَ، الَّلهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا رَمَضَانَ، الَّلهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا رَمَضَانَ، واعفُ عَنَّا مَا كَانَ فيهِ مِنَ تَقصِيرٍ وَغَفْلَةٍ.

الَّلهُمَّ اجعلْنَا فِيهِ مِنَ الفَائِزِينَ ، الَّلهُمَّ ارحَمْ ضَعْفَنَا وتَقْصِيرَنَا وَأَعِنَّا على ذِكرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنَ عِبَادَتِكَ ، لا حَوْلَ لَنَا وَلا قُوةَ لَنَا إلاَّ بِكَ فَلا تَكُلْنَا إِلى أَنفُسِنَا طَرْفَةَ عَينْ .

الَّلهُمَّ إنَّا نَسألُكَ الهُدى والتُّقى والعَفَافَ و الغِنَى، الَّلهُمَّ آتِنَا في الدُّنيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

سُبحَانَكَ الَّلهُمَّ وبحمدِكَ أَشهَدُ ألا إلهَ إَلا أَنتَ أَستَغْفِرُكَ وأَتوبُ إلَيكَ ، وصلَّى الله وسلَّمَ عَلَى نبيِّنَا مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسلِيمَاً كَثِيراً .

تمت المادة بحمد الله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.kate3.com
yahyaikoo


رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Default6
yahyaikoo


ذكر عدد الرسائل : 452
العمر : 30
العمل/الترفيه : كرة القدم والانترنت والتعارف
الدولة : رمضانُ و الرَّحيلُ المُر 3dflag14
المزاج : رمضانُ و الرَّحيلُ المُر 4210
تاريخ التسجيل : 12/09/2008

رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضانُ و الرَّحيلُ المُر   رمضانُ و الرَّحيلُ المُر I_icon_minitimeالسبت يناير 03, 2009 2:58 pm

شكرا على المجهود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي بن ابي طالب


رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Default6



عدد الرسائل : 235
تاريخ التسجيل : 06/11/2008

رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضانُ و الرَّحيلُ المُر   رمضانُ و الرَّحيلُ المُر I_icon_minitimeالأربعاء يناير 14, 2009 5:55 am

شكرااااااااااااااااااااااااااااااا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قــمــ التفاؤل ـــــة


رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Default6
قــمــ التفاؤل ـــــة


انثى عدد الرسائل : 411
العمل/الترفيه : لعب الرياضات بمختلف انواعها والانترنت والقراءة والاطلاع
تاريخ التسجيل : 31/01/2009

رمضانُ و الرَّحيلُ المُر Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمضانُ و الرَّحيلُ المُر   رمضانُ و الرَّحيلُ المُر I_icon_minitimeالإثنين فبراير 23, 2009 1:17 pm

جزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رمضانُ و الرَّحيلُ المُر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى طريق الهدى :: المنتديات الاسلامية :: منتدى محاضرات مقرووووووووءة-
انتقل الى: